تحرير علوم الحديث
الناشر
مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
منه؛ لأن الظاهر من الحديث السالم رواية مما وصفناه الاتصال، وإن كانت العنعنة هي الغالبة على إسناده " (١).
وقال ابن عبد البر: " تأملت أقاويل أئمة أهل الحديث، ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم ومن لم يشترطه، فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن، لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطًا ثلاثة، وهي: عدالة المحدثين، ولقاء بعضهم بعضًا مجالسة ومشاهدة، وأن يكونوا برآء من التدليس " (٢).
وهذا هو الذي صححه طائفة من كبار متأخري الأئمة كابن الصلاح (٣)، وابن رشيد الفهري (٤)، والنووي (٥)، والذهبي (٦)، وغيرهم.
وهو في التحقيق ما جرى عليه البخاري وعرف من منهجه.
واللقاء وحده مع عدم التدليس كاف عند البخاري لإثبات الاتصال في الإسناد المعنعن، وكذلك كان شيخه علي بن المدني يرى (٧).
واللقاء يثبت بالسماع الصريح الثابت في رواية، أو بالرؤية والاجتماع، أو بما يقوم من القرائن دليلًا عليه، كقدم التلميذ وكونه من أهل بيئة الشيخ، مع السلامة في كل ذلك من المعارض الراجح.
وحين ادعى مسلم الإجماع على ما ذهب إليه من الاكتفاء بالمعاصرة،
(١) الكفاية (ص: ٤٢١).
(٢) التمهيد (١/ ١٢).
(٣) صِيانة صحيح مسلم (ص: ١٢٨).
(٤) السنن الأبين (ص: ٣٢).
(٥) شرح صحيح مسلم (ص: ١٢٨).
(٦) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٥٧٣).
(٧) وهذه مسألة يطول سردها ببراهينها، وقد وجدت الباحث الأستاذ خالد الدريس قد بينها بيانًا جيدًا في كتابه: " موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين " (ص: ١٠٨ - ١١٤)، وهو كتاب قيم مفيد، وإن كان في بعض ما استنتجه فيه مما يناقش أو يخالف فيه.
1 / 169