تهذيب الآثار مسند علي
محقق
محمود محمد شاكر
الناشر
مطبعة المدني
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
لَا يَعْدُو دَاءُ ذِي الدَّاءِ إِلَى غَيْرِهِ بِدُنُوِّهِ مِنْهُ وَقُرْبِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَحَامَوْنَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْأَدْوَاءِ، وَمُؤَاكَلَتَهُمْ، وَمُشَارَبَتَهُمْ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ دُنُوَّ الصَّحِيحِ مِنْهُمْ يَتَعَدَّى إِلَيْهِ مَا بِهِمْ مِنَ الدَّاءِ، كَمَا قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ فِي الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ الْعَبْسِيِّ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يُنَادِمُ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْعَبْسِيَّ، فَرَمَاهُ لَبِيدٌ بِأَنَّ بِهِ بَرَصًا، لِتَخْبُثَ نَفْسُ النُّعْمَانِ عَلَيْهِ، وَيَتْرُكَ مُنَادَمَتَهُ:
[الْبَحْر الرجز]
مَهْلًا أَبَيْتَ اللَّعْنَ، لَا تَأْكُلْ مَعَهْ ... إِنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ
وَإِنَّهُ يُولِجُ فِيهَا إِصْبَعَهْ
فَتَحَامَى النُّعْمَانُ مُنَادَمَتَهُ، فَقَالَ الرَّبِيعُ: " أَبَيْتَ اللَّعْنَ، إِنَّ لَبِيدًا كَاذِبٌ فِيمَا قَدْ قَالَ: فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ:
[الْبَحْر الْبَسِيط]
قَدْ قِيلَ ذَلِكَ إِنْ حَقًّا، وَإنْ كَذِبَا ... فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيْءٍ إِذَا قِيلَا؟
وَكَمَا قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سَلْمَى:
[الْبَحْر الْكَامِل]
جَانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ وَقَدْ ... يُعْدِي الصِّحَاحَ مَبَارِكُ الْجُرْبِ
3 / 35