كتاب الطهارة (ط.ق)

الشيخ الأنصاري ت. 1281 هجري
84

الفاعل وفى خصوص ذلك الزمان تصور له بعنوان وصف الوجوب لان ملاحظة خصوص صنف الفاعل ككونه بالغ غير مؤد للفرض انما هو من أدلة وجوب الفعل على البالغ وندبه على غيره فهو مسبوق بملاحظة وجوب الفعل أو ندبه ولو لم يتصوره من حيث صدوره عن خصوص الفاعل لم يتصور الموضوع هذا ولكنك خبير بان غاية ما ثبت من هذا الوجه مضافا إلى انتقاضة بصوم اليوم الذي هو من رمضان الذي عرفت اكتفائهم فيه بمجرد القربة مع أنه يقع أيضا مستحبا من الصبى والشاك في الهلال وحراما من الحايض والمسافر وجوب القصد إلى العنوان المذكور في الخطاب بوصف انه مطلوب بهذا الطلب الشخصي ليكون قصد هذا الوصف المعرف للخصوصيات المأخوذة في وضوئه المميزة له عن الفرد المستحب بمنزلة قصدها ما توصيفه بخصوص الوجوب أو الندب فلا بل لو قصد خصوص أحدهما بحضور جنس الطلب لكون المكلف عالما بالوجوه التفصيلي ذاكرا له فهو والا كفى في احراز موضوع المأمور به توصيفه بالطلب الشخصي الموجد واقعا وهذا المقدار لا يفي بما ادعوه في هذا المقام من وجوب استحضار وصف الوجوب أو الندب ولو لم يحضر الا باعمال روية ووجوب استعلامه بالاجتهاد أو التقليد كما صرح به العلامة قده في غير واحد من كتبه وهو ظاهر غيره ممن اطلق وجوب قصد الوجه الظاهر في وجوبه المطلق المستلزم لوجوب معرفته من باب المقدمة بل صرحوا بوجوب الجزم في جميع مشخصات النية فلا يجزى التردد بين الواجب والندب ومما ذكرنا يظهر انه لو نوى الوجوب في المندوب جهلا وبالعكس صح العمل لان المقصود الأصلي اتيان الفعل من حيث إنه مطلوب للمولى بالطلب الثابت له واقعا الا انه اعتقد ذلك الطلب على خلاف ما هو عليه فهو كمن قصد الاقتداء بالشخص الحاضر من حيث هو حاضر الا انه اعتقده زيدا فبان عمرو أو أولي بالصحة ما لو نوى الندب مع الشك في دخول الوقت والوجوب مع الشك في خروجه لأجل الاستصحاب فبان الخلاف لوجود الامر الشرعي في الظاهر بخلاف المصورة السابقة وصرح في التذكرة بوجوب الإعادة مع التمكن من تحصيل الظن وكذا لو نوى الوجوب أو الندب في الثاني عملا بالظن فظهر الخطاء فصرح بالإعادة مع التمكن من العلم ولعلهما مبنيان على عدم جواز الاعتماد على الاستصحاب مع التمكن من الظن وعدم جواز العمل بالظن مع التمكن من العلم والأخير حسن والأول محل تأمل وغاية ما يوجه ان جواز العمل بالاستصحاب لا ينافي الإعادة لتقصيره في الفحص كما في الصائم المستصحب الليل وفيه ما فيه هذا مع الجهل بالحكم إما لو تعمدا نية الخلاف فالأولى البطلان لكونه تشريعا وما عن المحقق قده من أن الاخلال بنية الوجوب ليس مؤثرا في بطلان الوضوء ولا اضافتها مضرة وما يقوله المتكلمون من أن الإرادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد ايقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ولو كان له حقيقة لكان الناوي بخطاء في نيته ولم يكن النية مخرجه للوضوء عن التقرب انتهى فكأنه محمول على غير صورة التعمد وتوجيه على ما ذكرنا من أن حقيقة القصد تعلق بموافقة الطلب الشخصي المتعلق بالفعل قال شارح الروضة بعد حكاية هذا عنه ان كلامه في غاية السقوط إذ من أوضح الأشياء ان نية الوجوب فيما ندب الله إليه وعكسها مناقضة ومعارضة له تعالى فكيف لا ينافي في القربة ثم قال ويجوز ان يكون مراده ما وقع سهوا أو غفلة أو خطأ في الاجتهاد ولى في غير الأخير تأمل انتهى أقول والامر واضح لان المجتهد مأمور بالوجه الظاهري بل هو الوجه في حقه وتوجيهه فيما عداه على ما ذكرنا نعم صرح في الذكرى بان قصد الخلاف عمدا صحيح على عدم اعتبار قصد الوجه فلو عدل شارح الروضة عن المحقق إليه في الاعتراض كان أولي ولو علم بوجوب الوضوء مع اشتغال ذمته بواجب وندبه بدونه الا انه اعتقد عدم الاشتغال أو نسيه فنوى الاستحباب النفسي للوضوء أو الغيري لأجل مندوب فان قصده بوصف انه مطلوب بهذا الطلب الموجود فيه فعلا الا انه اعتقده ندبا لاعتقاده عدم سبب الوجوب فهو كما تقدم في الجهل بالحكم وان قصده بعنوان ذلك المستحب لاعتقاد تحقق ذلك العنوان هنا ففي الصحة اشكال وان قلنا بكفاية الوضوء المندوب للدخول في العبادة الواجبة من حيث إن ما نواه غير موجود والموجود غير منوى قال في البيان ولو نوى مشغول الذمة بواجب الندب لم يجز وكذا العكس وقيل يصح العكس لأنه يؤكد الندب انتهى وكلامه يحتمل الجهل بالحكم والموضوع وكذا الاشكال فيما لو نوى التجديد فبان واجبا الا ان الصحة هنا لا تخلو عن بعد ومما ذكرنا أيضا يظهر انه لو شك في الحدث بعد اليقين بالطهارة فتوضأ احتياطا فان كشف كونه محدثا أجزأت طهارة إذا المقصود من الاحتياط فعل ما احتمل وجوبه واقعا فالوجوب على تقدير ثبوته واقعا ملحوظا للمحتاط لكن المصرح به في القواعد والبيان وجامع المقاصد البطلان بناء على اعتبار الوجوب المقام الثاني في اعتبار ملاحظة الوجوب والندب غاية وهو مذهب كثير وفى الروضة في باب الصلاة انه مشهور وان اختلفوا بين من يظهر منها الاقتصار على اخذهما غاية كالحلبي في الكافي والعلامة في القواعد و الارشاد وابن فهد في الموجز وبين من يظهر منه اعتبار اخذهما وصفا مميزا وغاية كالغيبة والوسيلة والسرائر والمنتهى وكل من استدل على اعتبارهما بحصول التميز عن المندوب ووجوب ايقاع الفعل على الوجه الذي كلف بايقاعه عليه بناء على دلالة الوجه الأخير على لزوم اعتبار الوجه غاية كما فهمه الشهيدان ونسبه في الذكرى في باب الصلاة إلى المتكلمين قال إنهم لما أوجبوا ايقاع الواجب لوجوبه أو وجه وجوبه جمعوا بين الامرين يعنى الوصف والغاية فينوي الظهر الواجب لكونه واجبا انتهى والذي ينبغي ان يقال إنه إما ان يراد من الوجوب والندب المجعولين

صفحة ٨٤