واعتبار الغلبة على السمع وإن كان يغنى عن البصر الا ان التعبير به في كلمات الأصحاب لرفع توهم كفاية الغلبة على البصر لاطلاق النوم عليه أحيانا فهو مسوق لا لبيان اعتبارها حتى يغنى عنه اعتبار ما هو أخص منها فافهم ثم إن النوم اطلق في بعض الأخبار وقيد في صحيحة زرارة بنوم العين و الاذن والقلب وفى موثقة ابن بكير بعدم سماع الصوت وفى صحيحة أخرى لزرارة وغيرها بذهاب العقل ومرجع الكل واحد لان الغلبة على السمع يستلزم على البصر فالوجدان أو الغلبة على السمع يلازم الغلبة على القلب لقوله (ع) في صحيحة زرارة في مقام بيان النواقض والنوم حتى تذهب العقل ثم قال وكل النوم يكره الا ان تسمع الصوت ثم إنه لا فرق في النقض بالنوم بين هيأت النائم من القيام والقعود والانفراج والاجتماع وحكى عن الصدوق قده عدم لزوم الوضوء على من نام قاعدا بدون انفراج لرواية الحضرمي قال سئلت أبا عبد الله (ع) ينام الرجل وهو جالس قال (ع) كان علي (ع) يقول إذا نام الرجل وهو جالس مجتمع فليس عليه وضوء وإذا نام مضطجعا فعليه الوضوء وأرسل الصدوق عن أبي الحسن (ع) انه سئل عن الرجل قد وهو قاعد هل عليه وضوء قال لا وضوء عليه ما دام قاعدا إذا لم ينفرج وفى رواية ابن حمران انه سمع عبدا صالحا يقول من نام وهو جالس لا يتعمد النوم فلا وضوء عليه وفى رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) هل ينقض وضوئه إذا نام وهو جالس قال إذا كان في المسجد يوم الجمعة فلا وضوء عليه وذلك لأنه في حال الضرورة وهذه الروايات لعدم العامل بها حتى الصدوق لعدم العلم بذلك الا من روايته بعض تلك الروايات مع روايته قبل ذلك للرواية المطلقة في النقض معارضة بأقوى منه مما صرح فيه بالتعميم لحالة الجلوس أو ورد في خصوص النوم قاعدا مضافا إلى الاطلاقات فينبغي تأويلها بإرادة غير الغالب على السمع أو حلمها على التقية لان المحكي عن الشافعي عدم نقض النوم قاعدا متمكنا مقعدته من الأرض لكن حمل رواية أبى جعفر الباقر (ع) على التقية من الشافعي بعيد جدا والامر هين (و) اعلم (ان في معنى) (النوم كلما أزال العقل) أو غطاه من جنون أو سكر أو اغماء أو غير ذلك بلا خلاف ظاهر وعن التهذيب اجماع المسلمين عليه وفى المنتهى لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم وفى المدارك اجماع أصحابنا وعن الخصال ان من دين الإمامية ان مذهب العقل ناقض وعن البحار ان أكثر الأصحاب نقلوا الاجماع عليه وهذا يزيد على دعوى الاستفاضة وعن الكفاية نسبته إلى الأصحاب والتأمل في دليله وكان مراده مستند الجمعتين إذ ليس في الاخبار ما يدل على ذلك الا من باب الإشارة والتلويح كما في الاخبار المشترطة في النوم اذهاب العقل واستدل عليه في المعتبر برواية معمر بن خلاد قال سئلت أبا الحسن (ع) عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاع والوضوء يشتد عليه وهو قاعد مستند بالوسايد فربما أغفى عليه وهو قاعد على تلك الحال قال يتوضأ قلت له ان يشتد عليه قال إذا خفى عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء بناء على أن قوله إذا خفى عليه الصوت ظاهر في علة خفاء الصوت للوضوء من غير مدخلية خصوص الاغفاء الذي هو النوم كما في الصحاح وعن القاموس وفى هذا الاستدلال نظر لأن الظاهر علة خفاء الصوت على النائم للوضوء وفرق بين ايجاب الوضوء على النائم لأجل خفاء الصوت وبين وجوبه عليه ان اخفى عليه الصوت نعم لو جعل الضمير المجرور رابعا إلى مطلق الانسان كان للاستدلال وجه وليس كذلك نعم في هذه الرواية وكثير من روايات النوم اشعار بان الوجه في ناقضيته ذهاب العقل وفى المروى عن علل الفضل بعدما تقدم من علة وجوب الوضوء مما يخرج من الطرفين قوله (ع) واما النوم فان النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخ فكان أغلب الأشياء عليه مما يخرج منه الريح فوجب فيه الوضوء لهذه العلة الخبر ولا ريب في جريان هذه العلة في كل مذهب للعقل وكيف كان ففي الاجماعات كفاية (والسادس الاستحاضة) القليلة وهي الدم المعهود الذي لا يثقب الكرسف خلافا للمحكى عن العماني فلم يوجب به شيئا وربما يوهمه كلام من لم يذكرها في النواقض والإسكافي فأوجب به غسلا في اليوم والليلة وعلى خلافها الأخبار المستفيضة وتفصيل احكامها يأتي انشاء الله تعالى واعلم أن مقتضى الحصر المستفاد من الأخبار المستفيضة (انه لا ينقض الوضوء مذى) وهو كما في مرسلة ابن رباط ما يخرج عقيب الشهوة واليه يرجع ما عن غير واحد من أنه ما يخرج عقيب الملاعبة و التقبيل ونحوهما وعن الهروي انه ارق ما يكون من النطفة عند الممازجة والتقبيل وعن ابن الأثير انه البلل اللزج الخارج عقيب ملاعبة النساء وعن الشهيد الثاني انه ماء رقيق لزج يخرج عقيب الشهوة وفى الحدائق انه بسطه نظر بعض متأخري علمائنا فقال المذي ماء رقيق أصفر لزج خروجه بعد تفخيذ وتقبيل وكيف كان فالمعروف من غير الإسكافي عدم النقض به مطلقا للأصل والأخبار المستفيضة الحاصرة للنواقض والاجماعات المنقولة والأخبار المستفيضة الخاصة وفى بعضها ان سال من ذكرك شئ من مذى أو ودي وأنت في الصلاة فلا تقطع له الصلاة ولا تغسله ولا ينقض له الوضوء ان بلغ عقبك وفى بعضها انه بمنزلة المخاط والبصاق والنخامة ولا فرق فيها بين كون المذي عقيب الشهوة أولا بل عرفت من أهل اللغة الاختصاص بالشهوة كما في مرسلة ابن رباط المتقدمة وقد صرح فيها بأنه لا شئ فيه وفى مرسلة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا انه ليس في المذي من الشهوة ولامن الإنعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا غسل ولا يغسل منه الثوب والجسد وما عن الشيخ عن شيخه ابن محبوب عن عمرو بن يزيد قال اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة وتطيبت ولبست أثوابي فمرت بي وصيفة ففخذت بها وأمذيت وامنت هي فدخلني من ذلك ضيق فسئلت عن ذلك أبا عبد الله (ع) فقال ليس عليك وضوء وعن الإسكافي التفصيل بين الخارج عن شهوة ولا منها لقوله (ع) لمن سئله عن المذي يخرج
صفحة ٦٦