المراد من الآية مسبوقا بالحدث فوجوب الوضوء لأجل رفع تلك الحالة العرضية واما وجوب الطهور عند دخول الوقت فمسلم لكن الطهور لا يصدق الا بالنسبة إلى المحدث ولا كلام في وجوبه عليه واما حكمهم بوجوب الوضوء على الشاك في المتأخر من الحدث والوضوء فلا يدل على المدعى لحكمهم فيما حكى عنهم بوجوب الغسل على الشاك في المتأخر من الجناية والغسل مع أن أحدا لم يقل بكون غسل الجنابة باقتضاء الحالة الأصلية للمكلف فالوجه في حكمهم هناك بوجوب الطهارة انه لما علم من الأدلة ان الحدث مانع فلابد من احراز العلم بعدمه ولو بحكم الأصل والأصل غير جار هناك لتعارض الأصلين وهذا غير ما نحن فيه وهو انه إذا فرض العلم بعدم صدور الحدث من الشخص يجوز له الدخول في الصلاة وان لم يتوضأ واما ما ذكر من الفرغ فهو على تقدير تسليم الأصل غير متوجه فإنه قد ورد لا صلاة الا بطهور وان الطواف بالبيت صلاة وقال تعالى لا يمسه الا المطهرون فاشترك الغايات الثلاث في اعتبار الطهارة فيها فما الذي تباح بدون الطهارة فالتحقيق ان الطهارة والحدث من قبيل الطهارة والخبث والموت والتذكية و غيرهما من الأعادم المقابلة للملكات بل الطهارة والقذارة لغة أيضا كذلك ثم إنه يغير عن هذه الأمور بالنواقض فان أريد الناقض بالشأن و أضيف الناقض إلى الطهارة الصغرى أو إلى الوضوء الموجب لها ولو شانا كان مساويا للسبب لدخول الحدث ممن لم يتطهر أصلا ومن المحدث وخروج الجنابة وأخواتها ولا فائدة مهمة في تحقيق العنوان الجامع المانع لهذه الأمور وانما المهم التعرض لتفصيلها وهي ستة ثلاثة منها خروج البول وما في حكمه من البلل الخارج بعده مع عدم الاستبراء والغايط وهو معروف ومع الشك يرجع إلى الأصل والريح ولا اشكال ولا خلاف في ايجاب هذه للوضوء إذا خرجت من الموضع المعتاد خروجه منه لأغلب افراد الانسان والاخبار به متواترة وظاهر اطلاق الاخبار ومعاقد الاجماع وأكثر العباير وصريح بعض عدم اعتبار الاعتياد الشخصي في المعتاد النوعي وفى الحدائق نفى الخلاف فيه وعن شارح الدروس دعوى الاجماع عليه صريحا بل عن الرياض حكايته عن الفاضلين لكن يمكن دعوى انصباب الاطلاقات في الكل على الغالب المتعارف من الاعتياد الشخصي اللهم الا ان لا يعتنى بهذه الانصرافات ويتمسك في ذلك باطلاق الأخبار الدالة على النقض بما يخرج من الموضع الطبيعي وإن كان المعتاد غيره ويشكل ذلك على من يعتبر الاعتياد الشخصي في غير الموضع الطبيعي حملا للإطلاقات الدالة على النقض بمطلق الثلاثة على المتعارف وتمسكا بما دل على اختصاص الناقض بما يخرج من الطرفين اللذين أنعم الله بهما عليك فان دعوى الانصراف وأدلة الاختصاص موجودة فيما يخرج من الطبيعي مع عدم الاعتياد فالعمدة إذا الاجماع وهو غير بعيد خصوصا بملاحظة انهم كما في المعتبر والتذكرة وغيرهما يدعون الاجماع أولا على الموضع الطبيعي ثم يذكرون غير المعتاد فيذكرون فيه ما يذكرون من النقض وعدمه والتفصيل بين الخارج من المعتاد وغيره أو الخارج مما دون المعتاد وغيره وكان هذا منشأ ما تقدم عن الرياض من الحكاية والمسألة لا يخلو عن الاشكال الا ان الذي يسهل الامر ان الأقوى عندنا كما سيجئ النقض مطلقا ولو خرج الغايط (مما دون المعدة) من الموضع الغير الطبيعي (نقض) وان لم يصر مخرجه معتادا في (قول) الشيخ والقاضي والحلى والتذكرة وظاهر كل من اطلق بالثلاثة بل صريح الحلى والتذكرة وظاهر المطلقين النقض بما يخرج مما فوق المعدة خلافا للشيخ والقاضي استناد إلى منع تسميته غايطا فلا خلاف بينهم في النقض بمطلق الغائط من غير اعتبار الاعتياد لعموم قوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغائط وقوله (ع) في رواية زكريا بن ادم انما ينقض الوضوء ثلاث البول والغائط والريح وفى رواية أفضل بن شاذان لا ينقض الوضوء الا بول أو غايط أو ريح أو جنابة مضافا إلى ذيل رواية العلل الآتية {و } لكن (الأشبه) عند المصنف انه (لا ينقض) وأجاب في المعتبر عن اطلاق الآية والروايات بانصرافها إلى المعتاد فيقيد به ثم ذلك بالاخبار للقيدة مثل صحيحة زرارة قلت لأبي جعفر وأبى عبد الله (ع) ما ينقض الوضوء فقالا إما يخرج من طرفيك الأسفلين من الذكر والدبر من الغائط والبول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وفى صحيحة أخرى لزرارة لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك أو النوم وموثقه أديم بن الحر سمع أبا عبد الله (ع) يقول ليس ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الأسفلين اللذين أنعم الله عليك بهما وفى صحيحة ابن بزيع عن أبي الحسن الرضا (ع) في حديث طويل قال قال أبو جعفر (ع) لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك اللذين جعل الله لك أو قال أنعم الله بهما عليك وغير ذلك من الاخبار المقيدة وفى دعوى التقييد في الاطلاقات لأجل الانصراف أو التقييد بالمقيدات نظر إما الانصراف فلمنع اعتبار مثله والا لجرى فيما دل على نجاسة البول والغائط ولوجب الاقتصار في النقض على الخارج من الموضع الطبيعي المعتاد نوعا وشخصا مع كون الخروج والخارج من جميع الجهات على الوجه المتعارف الغالب والاقتصار بهذا النحو خلاف الاجماع ولو بنى على هذه الانصرافات لاختل جل القواعد المبتنية على الاطلاقات بل كلها إذ ما من مطلق الأولى منصرف ولانس الذهن ببعض افرادها فلا ينبغي طرحها خصوصا في مقام اعطاء القاعدة الا إذا كانت بحيث يعلم المتكلم جواز الاتكال على ذلك الانصراف في إرادة المقيد من المطلق وينسب من عمل باطلاقها على الغفلة عن طريق المحاورة وانى لنا باثبات هذا في المقام واما دعوى تقييد الاطلاقات بالمقيدات فلا تبنائه على كون الصلة مناطا في الحكم وليس كذلك لان الموصول ليس للعموم للزوم تخصيص الأكثر بل المراد به المعهود فيكون الصلة معرفا لذلك المعهود وموضحا له نظير الأسفلين بالنسبة إلى الطرفين فإنه موضح لا مقيد
صفحة ٦٤