فلا بد من حمل النضح وفى الجهات الأربع على وجه يمنع من رجوع الغسالة في الماء والظاهر أن رشها حول الوهادة يوجب سرعة جذب الأرض للماء ويمكن حمله على نضح البدن بالماء من الجهات الأربع حتى يتعجل وصول الماء إلى البدن فيتم غسله قبل رجوع الماء في الوهادة والجواب عن رواية ابن سنان بوجوب حملها على صورة تلوث بدن الجنب بالنجاسة فان الغالب خصوصا في تلك الأزمنة إزالة النجاسة عند الغسل ولذا اشتمل أكثر ما ورد في كيفية غسل الجناية على إزالة النجاسة فيكون الماء الذي يتوضأ به الرجل ويغسل به وجهه ويده في اناء نظيف مقابلا لماء الغسل من حيث عدم انفعاله بالنجاسة حال الاستعمال ولا بعد الانفصال بخلاف ماء الغسل فإنه ينفعل في أحد الحالين وكيف كان فالتقييد المذكور أولي من تقييد ما سيجئ من الأدلة وبمثله يجاب عن رواية غسالة الحمام فيكون المانع في كل واحدة من الغسالات المذكورة في الروايات نجاستها الذاتية أو العرضية كما يشهد له تعليل المنع في الاخبار باشتمال غسالة الحمام على غسالات الكفار والنواصب وانه لا خلق أنجس من الكلب و الناصب أنجس منه فان هذا كله ظاهر في كون المانع هي النجاسة هذا مع أنه يظهر من بعض الأخبار امارة الكراهة مثل قوله (ع) من اغتسل في الماء الذي اغتسل فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه قلت إن أهل المدينة يقولون إن فيه شفاء من العين قال كذبوا يغتسل فيه الجنب وولد الزنا والناصب وهو شرهما ومن كل خلق ثم يكون فيه شفاء من العين الحديث وقد سئل عن ماء الحمام قال لا تدخله الا بازار ولا.
تغتسل من ماء آخر الا ان يكون فيه جنب أو يكثر أهله فلا يدرى فيه جنب أم لا قال استثناء صورة الشك في وجود الجنب في ماء الحمام دليل على أن المنع لو كان في المستثنى فإنما هو على وجه التنزه وقد يظهر من بعض الأخبار ان السؤال من الغسل بماء الحمام في الاخبار من جهة النجاسة لا رفع الحدث مثل صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره فاغتسل من الماء قال نعم لا باس ان يغتسل منه الجنب والقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما الا بما لزق بهما من التراب وقريب منها غيرها وعلى ما ذكرنا من صورة تلوث بدن الجنب بالنجاسة يحمل الصحيحة الأخيرة مع أن الظاهر على المتأمل ان لا دلالة فيها ظاهرة لا من حيث التقرير ولا من جهة العلاج إذ من المحتمل كون المعالج والمقرر عليه هو محذور الكراهة دون الحرمة فالأقوى بحسب الأدلة هو الجواز وفاقا للسيدين والحلى والفاضل في جملة من كتبه والشهيدين والمحقق الثاني والمحكى عن سلار وابن سعيد للأصل والاطلاقات الكثيرة قال لكن الأحوط كما هنا وفى المعتبر العمل بما صار إليه الأولون من المنع لقوة رواية ابن سنان المتقدمة من حيث الصدور والدلالة فتقييدها بمجرد اطلاق الأدلة بعيد جدا ولم نقف في الباب على خبر خاص ظاهر في الرخصة وما تقدم مما ظاهره الكراهة فمورده الاغتسال في الماء الذي يغتسل فيه فيقرب جمله على الكثير وينبغي التنبيه على أمور الأول انه لا ينبغي الاشكال في الجواز في الماء الكثير وان قلنا بالمنع في غيره لاختصاص دليل المنع بما يغتسل به لا فيه قال في المعتبر لو منع هنا المنع ولو اغتسل في البحر وفى المقنعة ولا ينبغي ان يرتمس الجنب في الماء الراكد فإنه إن كان قليلا أفسده ولم يطهر به وإن كان كثيرا خالف السنة بالاغتسال فيه ولا باس بارتماسه في الماء الجاري واغتساله فيه انتهى ولو تمم الماء المستعمل كرا فصريح المبسوط والوسيلة رفع المنع معللا في الأول بأنه بلغ حدا لا يحمل خبثا وفيه ما تقدم في مسألة تيمم الماء النجس كرا الثاني ان لا ينبغي الاشكال على القول بالمنع في القطرات المنتضحة من بدن المغتسل في الاناء بل في كل يسير من الماء المستعمل الممتزج مما يضمحل فيه إذ لا يصدق التوضي منه ولا الاغتسال به مع الاضمحلال وليس العبرة هنا بالاستهلاك المرادف للاستحالة حتى يمنع تحققها في امتزاج الشئ نجسه بل المراد صيرورته بحيث لا يصدق انه توضأ منه أو اغتسل به بل يمكن التزام الجواز مع تساويهما في المقدار حيث إن ظاهر دليل المنع كون الاغتسال به وظاهر انحصار الغسل به الا ان يقال إن المراد استعماله في الغسل وإن كان بضميمة غيره فيختص الجواز بصورة الاضمحلال وظاهر النهى جريان الخلاف فيها لكن عن الصدوق وهو أحد المانعين أنه قال وان اغتسل الجنب فترى الماء من الاناء أو سال من بدنه في الاناء فلا باس ويدل عليه مضافا إلى ما ذكروا إلى لزوم العسر صحيحة الفضيل قال سئل أبو عبد الله عن الرجل يغتسل فينضح من الأرض في الاناء قال لا باس هذا انما قال الله تعالى (ما جعل عليكم في) الدين من حرج وصحيحة شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله (ع) في الجنب يغتسل فيقطر الماء من جسده فينضح الماء من الأرض في الاناء انه لا باس به وصحيحة عمرو بن يزيد قلت لأبي عبد الله (ع) اغتسل من الجنابة مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة فيقع في الماء ما ينزو من الأرض قال لا باس الثالث ظاهر العلامة في المنتهى وعن النهاية انه لا يشترط في صدق المستعمل انفصاله عن البدن حيث فرع على مذهب الشيخ قدس سره انه لو اغتسل من الجنابة وبقى في العضو لم يصبها الماء لم يخبر صرن البلل الذي على العضو إلى تلك اللمعة وعلله بان الشيخ قده لم يشترط في الاستعمال الانفصال انتهى وفى الذكرى انه يصير الماء مستعملا بانفصاله عن البدن فلو نوى المرتمس في القليل بعد تمام الارتماس ارتفع حدثه وصار مستعملا بالنسبة إلى غيره وان لم يخرج انتهى والظاهر أن غرضه من هذا التفريع ان المراد بانفصاله من حيث الاستعمال المحصل للغسل ولا يعتبر مفارقة البدن وكانه أشار بذلك إلى ضعف ما في النهاية من احتمال ان لا يصير هذا الماء مستعملا معللا بان الماء ما دام مترددا على بدن المغتسل لا يصير وعن المعالم بعد نقل ان الشهيد في الذكرى صرح بعدم اعتبار الخروج وتردد العلامة في النهاية ان التحقيق ان الانفصال انما يعتبر
صفحة ٥٨