كتاب الطهارة (ط.ق)

الشيخ الأنصاري ت. 1281 هجري
51

النجاسة إلى بعض الناس ولم يعلم أنه من الامامية واستدل له بطهارة ما يبقى في الثوب من اجزائه اجماعا فكذا المنفصل ولا يخفى ان هذا مختص بالغسلة المطهرة واما المحقق فلم يذكر في المقابل القول بالنجاسة مطلقا الا قول الشيخ بطهارة الغسلة الثانية نعم جزم في الخلاف وأول المبسوط بطهارة ماء الغسلين من الولوغ الا انه رجع بعد ذلك إلى ما حكينا عنه من جعله النجاسة مطلقا أحوط وأوضحنا ان مثل هذا فتوى لا احتياط مستحب واما العلامة قدس سره في المنتهى فجعل محل الخلاف الغسلة التي يطهر المحل بعدها وقد اشتهر حكاية هذا القول عن المرتضى والحلى قدس سرهما وقد عرفت انهما ان قالا بعدم انفعال الماء الوارد ولو على النجاسة العينية الغير القابلة للطهارة فالكلام معهما كالعماني مفروغ عنه في محله وان خصا بالوارد للتطهير فما ذكر السيد في دليل ذلك مختص بالغسلة الأخيرة فيما يحتاج إلى التعدد لأنه قده ذكر انه لو حكمنا بنجاسة الماء الوارد لزم لولا يطهر الثوب الا بايراد كر عليه وقرره الحلى على ذلك وحاصله الاستدلال بثبوت الطهارة بايراد القليل من غير حاجة إلى الكثير فدل على عدم انفعال الماء الوارد للإزالة ومن المعلوم ان هذا منتف فيما عدا الغسلة الأخيرة لان المحل بعده نجس ولو ورد عليه كر من الماء وبالجملة استدلال السيد قده إما أخص من مدعاه واما ان مورد كلامه الغسلة المطهرة والأليق هو الثاني لان جعل العلة مخصصة للحكم أولي من نسبة الخطاء إلى المتكلم ثم إن المحقق لم يفهم من كلامه المحكي عن المصباح في ماء الاستنجاء قوله بالطهارة وقال إنه صريح في العفو دون فكيف يصرح بالطهارة في غير ماء الاستنجاء نعم صرح الحلى بطهارة ماء غسلتي الولوغ ولم يعلم منه حكم غير الاناء بل ظاهر المحكي عنه في المعتبر عند الاستدلال على عدم سراية النجاسة من الميت انه لو كان مباشر الميت نجسا لم يكن الماء الذي يستعمله في غسل المس طاهرا مع أن الاجماع على طهارته وهذا ظاهر في نجاسة الوارد لان المستعمل في غسل المس وارد على البدن واما ابن حمزة في الوسيلة فجعل أولا الماء عشرة أقسام وعد منها المستعمل ومنها الماء النجس ثم قال إن المستعمل ثلاثة أقسام المستعمل في الوضوء والمستعمل في غسل الجنابة والحيض ونحوهما والمستعمل في إزالة النجاسة وقال إن الأول يجوز استعماله في (ثانيا) رفع الحدث وإزالة الخبث والأخير ان لا يجوز ذلك فيهما الا ان يبلغا كرا فصاعدا انتهى ثم ذكر في حكم الماء النجس انه لا يجوز استعماله بحال الا حال الضرورة للشرب فالاقتصار في حكم المستعمل على عدم جواز التطهير به والتيمم في حرمة الاستعمال للماء النجس مع جعلهما عند القسمة متقابلين ظاهر في قوله بطهارة الغسالة مطلقا ولذا نسب في الذكرى إليه والى البصري والتسوية بينهما وبين الماء المستعمل لكن قوله أخيرا يدل على نجاسة الماء الرافع للحدث الأكبر عنده ويؤيده انه حكم في الماء القليل بنجاسة بارتماس الجنب فيه بعد ما حكم بنجاسته لوقوع النجاسة فيه واستبعاد ذلك منه لنقل الاجماع على طهارة ذلك الماء يدفعه قوله بعدم جواز إزالة الخبث بذلك الماء مع نقل العلامة وولده فخر الدين الاجماع على جواز إزالة الخبث به ومما ذكرنا ظهر ان نسبة هذا القول إلى المرتضى وجل الطبقة الأولى كما في اللوامع أو إلى شيوخ المذهب كالمرتضى وابن إدريس وابن حمزه والشيخ والعماني كما في كشف الالتباس لم يقع في محله وكيف كان فما استدل أو يمكن ان يستدل به لهم وجوه (أحدها) الأصل بعد منع كلية انفعال الماء القليل كما في الروض وشرح الجعفرية وغيرهما وقد تقدم فساد ذلك مستوفى الثاني ما يظهر من كلام السيد الذي ارتضاه الحلى وكاشف الالتباس وحاصله انه لو انفعل لم يطهر المحل به لان النجس غير مطهر ولو أريد تقريره على وجه يشمل غسالة الأولى قيل لو كان نجسا لم يؤثر في التطهير وفيه ان الملازمة ليست عقلية لانتقاضها بحجر الاستنجاء وتيمم القليل النجس كرا ينجس على ما يظهر من جماعة واستندا الطهارة إلى اجتماعهما دون كل منهما مشترك الورود لامكان دعوى كون الغسل ناقلا للنجاسة من محله إلى الماء كما هو المركوز في أذهان الناس وليس بأبعد من ارتفاع النجاسة باجتماع نجسين وثبوتها شرعا ليس الا لعموم اشتراط طهارة الماء في إزالة النجاسة أو لعموم تنجس ملاقي النجس فكيف يوجب طهارته والظاهر أن مستند الأول هو الثاني إما الأول فالمتيقن منه اعتبار طهارة الماء من غير جهة الملاقاة المزيلة بان يكون نجسا قبل الملاقاة أو حينها بغير نجاسة المحل إذ ليس هنا عموم لفظي يتمسك به والقاعدة المستفادة من منع الوارد لا يفيد الا اشتراط عدم تنجسه بالنجاسة الخارجة عن المحل كما لا يخفى على منصف فلا يكون دعويه العلم بعموم القاعدة خالية عن مجازفة فان العموم المستفاد من تتبع جزئيات القاعدة لابد من أن يستند إلى ورود نص عام لفظي قابل لاخراج مثل حجر الاستنجاء وتيمم القليل النجس كرا ينجس عنه وأين هذا المدعى في المقام عند المنصف من دعوى عموم أدلة الانفعال ولذ ترى المركوز في الأذهان هو عدم كون النجس مطهر أو مع ذلك بنائهم على نجاسة الغسالة وطهارة المحل بعد الاطلاع على عمومات الانفعال وليس ذلك الا لكون نجاسة الماء من جهة المحل من غير قادحة في التطهير بل لولا أدلة الانفعال أيضا لفهموا من أدلة غسل النجاسة بالماء انتقالها عن المحل إليه فتأمل واما قاعدة نجاسة الملاقى للنجس فلا ريب في شمولها لكل من الماء والمحل إذا اللازم من نجاسة الماء بالمحل نجاسة المحل بالماء لحصول الملاقاة من الطرفين فالتزام عدم نجاسة الماء والا لنجس المحل ولم يطهره ليس بأولى من التزام عدم نجاسة المحل به بل الأول أبعد لان ما تأثر من الشئ لا يؤثر فيه ذلك الأثر نعم لا يبعد ان يؤثر فيه خلافه ينقل ما فيه إلى نفسه فتلخص عن ذلك كله انه لا دليل على لزوم عدم نجاسة الماء المطهر حتى من جهة ملاقاة المحل والمحل ومما ذكرنا يظهر ان المتشبث في المقام بقاعدة تنجس كل متنجس مع عدم تنجيس الغسالة

صفحة ٥١