الذكرى أيضا موافقته ويندفع بالتأمل ومن جهة ظهور ضعف قول العلامة قد حاول بعضهم تأويله بما هو أضعف فان القول مشهور عن العلامة قال في القواعد لو نجس المضاف ثم امتزج بالمطلق الكثير فغير أحد أوصافه فالمطلق على طهارته فان سلبه الاطلاق خرج من لونه مطهر الا طاهرا انتهى وفى المنتهى ويطهر المضاف بالقاء كر دفعة وان بقى التغير ما لم يسلبه الاطلاق فيخرج عن الطهورية انتهى ولا يخفى ان كلامه صريح في الامتزاج فرده كما في الروضة باشتراط وصول الماء إلى كل جزء من النجس محل نظر إذ لا منافاة بين الوصول وصيرورة الماء مضافا نعم لو كان الوصول تدريجا يمكن التطهير كما لو فرض كون المضاف في غاية الحموضة أو الرايحة فاختلط باضعافه من الكثير واستهلكه إلى جنسه فان وصول الماء إلى كل جزء محقق ولذا لو كان هذا المقدار من المضاف قليل الطعم أو الرايحة انقلب مطلقا وكما يعتبر اطلاق الاسم في مزج النجس من المضاف بكثير المطلق فكذا لو مزج طاهره بالمطلق (اعتبر) في ترتب احكام الماء على المجموع من (رفع الحدث) (والخبث به) وغير ذلك (اطلاق الاسم) فيجب (المصباح) إزالة الحدث والخبث به لو لم يوجد غيره وفى وجوب المزج قولان الشيخ والعلامة من تعلق الحكم بوجوب الإزالة على الوجدان وقبل المزج غير واجد لان وجود جزئي المركب لا يكفي في وجوده ولذا يصدق عدم وجدان السكنجبين في الدار أو السوق مع وجدان اجزائه ومن أن الظاهر أن المراد من الوجدان بقرينة تعليل الحكم في الكتاب والسنة بنفي الحرج هو تيسر التحصيل وهو حاصل في الفرض كما لا عبرة بالوجدان مع عدم تيسر الاستعمال فكذا لا عبرة بعدم الوجدان مع تيسر التحصيل (ويكره الطهارة بالماء المسخن بالشمس في الآنية) لقوله صلى الله عليه وآله فيما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن (ع) لعايشة لما وضعت قمقمتها بالشمس لتغسل رأسها وجسدها لا تعودي فإنه يورث البرص وفيما رواه إسماعيل بن زياد عن أبي عبد الله (ع) الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضؤا به ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به فإنه يورث البرص والمراد الكراهة للاجماع ظاهر أو ظهور التعليل في ذلك فان مخافة البرص حكمة الكراهة دون الحرمة ولما عن الصادق (ع) من نفى الباس بالوضوء بالماء الذي يوضع في الشمس وظاهرهما كراهة مطلق الاستعمال ولو مع عدم قصد الاستسخان كما عن النهاية والمهذب والجامع وظاهر المحكي عن الخلاف كراهة التوضي مع القصد وهو صريح السرائر أيضا مع تخصيصه الكراهة بالطهارتين وفى الذكرى الحق العجين بالطهارة وظاهر الرواية الأخيرة بقاء الكراهة مع زوال السخونة خلافا لجماعة و عدم الفرق بين القليل وغيره وان حصه بعض كالمصنف قده وغيره بالآنية بل عن العلامة في التذكرة والنهاية الاجماع على الاختصاص وظاهر النهى من حيث شموله لمطلق الاستعمال الكراهة المصطلحة فيشكل اتحاده مع العبادة في الوجود الخارجي واشكل من ذلك حكم الشهيد الثاني في الروض ببقاء الكراهة مع انحصار الماء قال ولا منافاة بين الوجوب والكراهة كما في الصلاة وغيرها من العبادات على بعض الوجوه فلو لم يجد ماء غيره لم يزل الكراهة وان وجب استعماله عينا لبقاء العلة مع احتمال الزوال وقد تقرر في الأصول ان الكراهة الجامعة مع العبادات الراجحة لا يكون بالمعنى المصطلح مع وجود البدل لها فكيف يجامع ما لا يدل له من العبادات وحمل الكراهة على غير المصطلح لا يستقيم مع إرادة الكراهة المصطلحة بالنسبة إلى غير العبادة من الاستعمالات ويمكن ان يقال إن النهى للارشاد كما ذكره أولا في الروض معللا بان المصلحة دنيوية فلا ينافي رجحان الفعل لمصلحة أخروية وفيه مع منع رجوع دفع الضرر الدنيوي إلى المصلحة الدنيوية ومنافاة ذلك لحكم الأصحاب قاطبة بالكراهة الظاهرة في المصلحة انه لا يصلح وجها للحكم بالكراهة مع الانحصار لان النهى الارشادي لا يخلو عن طلب الترك كما في نواهي المريض وأوامره وإن كان لا يترتب على موافقتها سوى خاصية نفس المأمور به والمنهى عنه الموجودة مطلقا حتى حال أمر الشارع بمخالفتها كما فيما نحن فيه فان الموجود هنا مصلحة الطلب الارشادي لا نفسه ويكره الطهارة (بماء المسخن بالنار) لكن في خصوص (غسل الأموات) اجماعا محكيا عن غير واحد لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) لا تسخن الماء للميت ولا تعجل له النار ونحوها رواية يعقوب بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) وقوله (ع) لا يقرب الميت ماء حميما وظاهر الكل خصوصا بملاحظة ذيل الأولين كراهة استعماله ولو في مقدمات الغسل كإزالة النجاسة عن بدنه ويحتمل ان يراد بقول المصنف قده في غسل الأموات أعم منه وما يتعلق به والمحكى عن الشيخ من استثناء ما إذا كان على بدنه نجاسة لا يقلعها الا الماء الحار شاهد عليه و ظاهر التسخين أعم من كونه بالنار خصوصا بملاحظة الرواية الأخيرة وهو أيضا ظاهر من اطلاق التسخين الا ان التعجيل بالنار في ذيل الخبرين يصلح.
بان يستظهر به إرادة الأخص ثم لا اشكال في استثناء صورة الحاجة ومنها ما لو تعسر على الغاسل لبرد يضربه وعن بعض الروايات قوله (ع) بعد النهى الا ان يكون ماء باردا جدا فتوقى الميت مما توقى نفسك فيحتمل ان يراد بذلك إذا كنت محتاجا إلى توقية نفسك من استعماله فلا باس بان توقى الميت منه وتغسله بالماء الحار والتعبير بتوقيت الميت المشعرة بالاحترام للإشارة إلى أن التسخين حينئذ ليس تعجيلا له بالنار بل ينبغي ان يقصد به احترامه كما في حال حياته ويحتمل ان يراد به انك وان صبرت على تغسيله بالماء زاد ألما شديدا لان المباشر له ليس الا يدك المعتادة على تحمل البرد الا انه ينبغي ان يوقى جسد الميت عن البرودة الشديدة لو استعملته على جسدك بقدر استعماله كما وكيفا وزمانا أشرفت نفسك على الهلاك وعلى المعنى الأول لا يكون استثناء زايدا على حاجة الغاسل وعلى ان يكون أمر أمرا زايدا عليه حيث إن الرواية محتملة للأول مع كونها
صفحة ٤٨