بالاجتناب عن النجس الواقعي المردد بين هذا الماء وذلك الثوب غير منجز لاحتمال كون النجس هو ذلك الثوب ومثله ما لو عبر الشخص في ارض يعلم بوقوع النجاسة في ثوبه أو في تلك الأرض التي لا حاجة قريبة له إلى استعمالها فيما يشترط طهارته وكذلك لو علم اجمالا بوقوع النجاسة على الماء أو ظهر الاناء الذي لا يبتلى به في الاستعمالات المشروطة بالطهارة كما هو مورد صحيحة علي بن جعفر (ع) الواردة في رجل رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب انائه فقال (ع) ان لم يكن شئ يستبين في الماء فلا باس وإن كان شيئا بينا فلا حيث حملها المشهور في مقابل الشيخ قده على ما إذا تحقق إصابة الدم للإناء ولم يتحقق اصابته للماء فلم يجعله الامام من قبيل الشبهة المحصورة ووجهه ما ذكرنا من عدم تنجز التكليف بالاجتناب عن استعمال النجس المردد إذ لو علم تفصيلا بكون النجس هو ظهر الاناء لم يكن عليه تحريم منجز أصلا ومما ذكرنا يظهر ما في كلام السيد قده في المدارك حيث قال بعد منع بعض مقدمات دليل الاجتناب انه يستفاد من قواعد الأصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الماء أو خارجه لم ينجس الماء ولم يمنع من استعماله وهو مؤيد لما ذكرنا انتهى فان المراد بخارج الماء إن كان جسما اخر يصح التكليف عرفا منجزا بالاجتناب عنه كمأكول أو مشروب اخر أو ما يلبسه أو يسجد عليه في الصلاة منعنا حكم الأصحاب بالطهارة في أحدهما وإن كان مما لا يبتلى المكلف بالنهي عن استعماله بالفعل كظهر الاناء أو ارض لا يبتلى المكلف بالسجود عليها أو التيمم بها فالوجه في الحكم بطهارة الماء عدم التكليف الفعلي بالاجتناب عن استعمال النجس الواقعي منجزا واما ما أجاب به عنه في الحدائق أولا بما حاصله ان ما فرضه من الشبهة الغير المحصورة وثانيا بان القاعدة المذكورة انما يتعلق بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة والجزئيات التي تحويها حقيقة واحدة إذا اشتبه طاهرها بنجسها فيفرق فيها بين المحصور وغير المحصور لا وقوع الاشتباه كيف اتفق انتهى ففيه إما أولا فلان ما فرضه في المدارك غير ظاهر في غير المحصور بل المستفاد من قواعد الأصحاب انه لو كان طرف الشبهة موضعا خاصا من ظهر الاناء أو لباس الغير حكم بطهارة الماء أيضا وثانيا ان ما ذكره من إناطة حكم الشبهة المحصورة بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة غير منضبط أو لا إذ ما من مشتبهين الا و يمكن جعلهما فردين لماهية واحدة ولا دليل على تخصيص القاعدة به ثانيا فان مستند تلك القاعدة من العقل والنقل لا اختصاص له بما ذكر أصلا كما لا يخفى الثالث ان الساري من حكم النجس الواقعي إلى كل من المشتبهين هو الحكم التكليفي أعني وجوب الاجتناب لان الاجتناب عن كل واحد مقدمة علمية للواجب واما الحكم الوضعي وهي نفس النجاسة فلا يعقل سرايتها إليهما بل هي قائمة بما هو نجس واقعا وحينئذ فملاقي أحدهما لم يعلم بملاقاته لنجس وانما علم ملاقاته لما يجب الاجتناب عنه مقدمة فهو باق على أصالة الطهارة فلا يجرى فيه دليل وجوب الاجتناب عن النجاسة الواقعية بعد حكم الشارع بأنه طاهر غير نجس وانما وجب الاجتناب عن نفس المشتبهين لعدم جريان أصالة الطهارة في شئ منهما لان الأصلين مع العلم الاجمالي في هذا المقام متساقطان وتوهم ان الموجب لسقوط أصالة الطهارة في المشتبه الملاقى بالفتح وهي معارضتها بأصالة طهارة المشتبه الأخر موجود بعينه في الثالث الملاقى بالكسر فيسقط أصالة طهارته أيضا فيجب الاجتناب عنه مقدمة الواجب الواقعي مدفوع بان الشك في طهارة الثالث ونجاسته مسبب عن الشك في طهارة المشتبه الملاقى أو صاحبه وقد تقرر في تعارض الأصول ان الأصل الجاري في الشك السببي كالدليل بالنسبة إلى الأصل الجاري في الشك المسبب سواء كان معارضا له أم معاضدا فأصالة الطهارة في كل من المشتبهين كدليلين بالنسبة إلى أصالة طهارة الثالث فإذا تساقطا وجب الرجوع إلى ذلك الأصل وهذه قاعدة مطردة في كل أصلين تعارضا وتساقطا فإنه يرجع إلى الأصل في آثارهما سواء كان الأصل جاريا في اثر أحدهما كان إذا وقع رطوبة مشتبهة بين الماء والبول على الثوب فإنه يحكم بطهارة الثوب أم كان جاريا في اثار كليهما كما إذا وقع ثوب بعضه متنجس في كر مردد بين الماء المطلق والمضاف والبول فإنه يرجع بعد تعارض أصالتي عدم وقوعه في المطلق وفى المضاف بأصالة بقاء طهارة المايع ونجاسة الثوب وبالجملة فالأصل الجاري في الشك المسبب عن شك جرى فيه أصلان مكافئان سالم عن المعارض متبع في جميع المقامات فإذا جرت أصالة الطهارة خرج موردها عن المقدمة العلمية وعن وجوب الاجتناب نعم لو لاقي الأخر ملاق أيضا وجب الاجتناب عنهما لدخولهما تحت الشبهة المحصورة ولو فقد أحد المشتبهين بعد ملاقاته الثالث لم يزل أصالة الطهارة في الثالث واختص وجوب الاجتناب بالمشتبه الأخر ولو كان الاشتباه بعد الملاقاة والفقد كان الملاقى مع الباقي من الشبهة المحصورة ثم إن المخالف في الأصل العلامة قدس سره في المنتهى حيث حكم بأنه لو استعمل أحد الإنائين وصلى به لم يصح صلاته ووجب غسل ما اصابه لان المشتبه كالنجس ثم نقل عن بعض امامة عدم وجوب غسل ما اصابه لان المحل طاهر بيقين فلا يزول طهارته بالشك وأجاب بأنه لا فرق في المنع بين يقين النجاسة وشكها ههنا وان فرق بينهما في غيره المنتهى وفيه ان اليقين بالنجاسة موجب المتيقن بنجاسة ما اصابه واما الشك فيها فلا يوجب اليقين بنجاسة ما اصابه فيبقى على اصاله الطهارة وعدم الفرق بين اليقين والشك هنا شرعا انما هو في وجوب الاجتناب لا في تنجيس الملاقى فالفرق الحسى بين اليقين والشك موجود و التسوية الشرعية بينهما لم يثبت في المقام وانتصر صاحب الحدائق لما في المنتهى بان المستفاد من استقراء موارد الشبهة المحصورة اعطاء الشارع المشتبه بالنجس والحرام حكمهما قال الا ترى ان ملاقاة النجاسة بعض اجزاء الثوب مع الاشتباه بباقي اجزائه موجب لغسله كلا وفيه انا لم نجد في
صفحة ٤٢