اجماعا أو لا ينجس ولو كان قليلا كما عن العماني وابن الغضايري والشيخ في التهذيبين والعلامة في أكثر كتبه وشيخه مفيد الدين محمد بن محمد بن الجهم وولده وصاحب التنقيح والموجز وجامع المقاصد والمحقق الميسي والشهيد الثاني على ما صح عن رسالة المصنف في المسألة وجمهور المتأخرين عنه أو يفرق بين القليل والكثير كما عن البصروي وحكاه في المنتقى عن جماعة قيل وهو لازم للعلامة المفصل في الجاري بين القليل والكثير وفى الملازمة نظر لكن لا يبعد استظهاره منه في المنتهى ثم المحقق مع ما حكى عن مصرياته من الاجماع على الحكم بالنجاسة قال هنا فيه تردد وإن كان الا ظهر التنجيس لما ذكر في المعتبر من النقل المستفيض عن الصحابة بايجاب النزح وانه كان معلوما منهم وان اختلفوا في في مقدار النزح والأخبار المتواترة الدالة على وجوبه وربما استدل أيضا بالاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة ورد تواتر الاخبار والنقل بالنزح بعد تسليم دلالته على النجاسة حمل ذلك على الاستحباب لما سيأتي من الامارات واما الاجماع والشهرة فموهون بما عرفت من الخلاف من كثير من العلماء وربما استدل أيضا ببعض الاخبار الظاهرة في النجاسة مثل صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسئله ان يسئل أبا الحسن الرضا (ع) عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيه قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة ونحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فكتب (ع) في كتاب ينزح منها دلاء وفيه ان دلالتها ليس الا من باب التقرير بضميمة أصالة عدم الخوف في الردع بالكتابة وهو معارض بظهور قوله ينزح دلاء في كفاية نزح مطلق الدلاء للدم والبول والعذرة فيتعين حمل الجملة الخبرية على الاستحباب فيكون نزح مقدار من الدلاء مستحبا لكل واحد وإن كان الأفضل ما ورد في المقدار المعين لكل واحد إذ لو حمل على الوجوب لم يجز حمله على ظاهره من التخيير بين الدلاء في النجاسات المذكورة اجماعا فلا بد إما من التزام اجمال الرواية وان المقصود بيان ايجاب أصل النزح بمقدار من الدلاء وان النزح طريق تطهير البئر وتفصيله موكول ببيان ما يجب في كل واحد من النجاسات إلى مقام اخر واما من التزام نصب القرنية لإرادة العدد الخاص من لفظ الدلاء بالنسبة المسؤول عنها وشئ من الامرين المخالفين لظاهر الرواية بل صريحها لا يلتزمه أحد لأجل أصالة عدم ردع الإمام (ع) بل الظاهران السايل بعد ملاحظته لكلام الإمام (ع) لم يشك في أنه ردعه بهذا الكلام عن اعتقاده هذا مضافا إلى أن ابن بزيع روى الرواية الآتية التي هي أظهر من هذه في عدم انفعال البئر وبصحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن (ع) عن البئر يقع فيها الحمامة أو الدجاجة أو الفارة أو الكلب أو الهرة فقال يجزيك ان ينزح منها دلاء فان ذلك يطهره انشاء الله تعالى وهذه أظهر دلالة من الأولى لوقوع التطهير في كلام الإمام (ع) الا ان الامر بنزح الدلاء أظهر هنا في الاستحباب من حيث كونه أظهر في مقام البيان فيبعد جدا حملها على بيان نوع المطهر وإحالة تفصيل كل واحد من النجاسات المذكورة إلى مقام اخر فالأولى حمل لفظ التطهير هنا على إرادة إزالة القذارة والنفرة الحاصلة من وقوع تلك الأشياء وبصحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلو أو الأشياء تغترف به فيتمم بالصعيد فان رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم وفيه ان الاستدلال مبنى على فرض بدن الجنب نجسا ولا شك في أن وقوعه في البئر ينجس البئر فلا يرفع الحدث بل يزيد ويحتاج بالآخرة إلى التيمم فليس محذورا لوقوع في البئر راجعا إلى ما يضر بالقوم كما هو ظاهر الرواية بل هو لغو صرف وزيادة في نجاسة بدنه فالتعليل بهذا أولي بل متعين حيث إن محذور فساد الماء يرتفع بنزح دلاء منه فلا دلالة في الرواية على المطلوب ويكون النهى عن افساد الماء لأجل استقذار القوم ذلك أو لاثارة الوحل من البئر أو لصيرورته مستعملا في الحدث الأكبر فالانصاف ان هذه الصحيحة أظهر في عدم الانفعال والعجب ممن حكى عنه في المنتقى مساواة ظهور هذه الصحيحة في الدلالة على الانفعال لصحيحة ابن بزيع الآتية الدالة على عدم الانفعال وموثقة عمار الواردة في وقوع الكلب والفأرة والخنزير قال ينزف كلها فان غلبت الماء ينزف يوما إلى الليل ثم يقام عليه قوم يراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت وفيه ان نزح الكل للأشياء المذكورة لعله خلاف الاجماع ولذا حمله الشيخ على صورة التغير وبحسنة الفضلاء بابن هاشم قالوا قلنا له (ع) بئر يتوضأ منها يجرى البول قريبا منها أينجسها فقال إن كان البئر في أعلى الوادي يجرى فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس شئ من ذلك وإن كان أقل من ذلك نجسها قال وإن كان البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بينه وبين البئر تسعة أذرع لم ينجس وما كان أقل من ذلك فلا تتوضأ منه فقلت له فإن كان مجرى البول يلصقها وكان لا يلبث على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فلا باس وان استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتى يبلغ البئر وليس في البئر منه باس فتوضأ منه انما ذلك استنقع كله والانصاف ان هذه الحسنة وان لم يحمل على ظاهرها من حيث عدم انفعال البئر بمجرد قرب المبال فيها الا انها ظاهرة في الانفعال عند العلم بوصول البول إليها ونحوها في الظهور قوله (ع) في رواية ابن مسكان عن أبي بصير وكل شئ يقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا باس لكنها كالروايات الأربع المتقدمة على فرض تسليم ظهورها في الانفعال وجميع اخبار النزح مع الإغماض عن ظهورها في الاستحباب وتسليم دلالة وجوب النزح على النجاسة معارضة بالصحاح المستفيضة وغيرها هي أقوى دلالة من تلك الأخبار ففي صحيحة محمد بن إسماعيل بن
صفحة ٢٦