يجزيه ان يغتسل من ذلك الماء قال إن وجد ماء غيره فلا يجزيه ان يغتسل وان لم يجد غيره أجزئه لكنهما معارضان في خصوص مورد هما بما دل من الأخبار المستفيضة على عدم جواز الاغتسال إذا ادخل الجنب يده القذرة في الاناء مثل رواية شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل الجنب يسهو فيغمس يده في الاناء قبل ان يغسلهما قال لا باس إذا لم يكن أصاب يده شئ وموثقة سماعة إذا أدخلت يدلك في الاناء قبل ان يغسلها فلا باس الا ان يكون أصابها قذر بول أو جنابة فان أدخلت يدك في الماء وفيها شئ من ذلك فأهرق ذلك الماء وموثقة سماعة إذا أصاب الرجل جنابة فادخل يديها الاناء فلا باس إذا لم يكن أصابهما شئ من المنى وموثقته الأخرى وإن كان اصابته جنابة فادخل يده في الماء فلا باس به ان لم يكن أصاب يده شئ من المنى فان أصاب يده شئ فإنه دخل في الماء قبل ان يفرغ على كفه فليهرق الماء إلى غير ذلك مما ورد في هذا المضي مثل روايتي زرارة في كيفية الوضوء والغسل حيث اشترط في غس اليد في الماء طهارتها وأي فقيه يأخذ بظاهر حسنة ابن ميسرة ويحكم بعدم انفعال ماء الغسل بادخال اليد النجسة فيه ويطرح هذه الأخبار مع كونها أكثر وأظهر ومنها رواية أبى مريم الأنصاري قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في حايط له فحضرت الصلاة فنزح دلوا للوضوء من ركى له فخرج عليه قطعة من عذرة يابسة وأكفأ رأسه وتوضأ بالباقي وظهورها في عدم الانفعال لا ينكر بناء على ظهور العذرة في عذرة الانسان أو مطلق غير المأكول الا ان أحد لا يرض بتوضأ الإمام (ع) من هذا الماء مع ما علم من اهتمام الشارع في ماء الطهارة بما لا يهتم في غيره ومع ذلك فهى معارضة بما دل على عدم التوضي بمثل هذا الماء ففي مرسلة علي بن حديد عن بعض أصحابه قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبى عبد الله (ع) دلوا فخرج فيه فأرتان فقال له أبو عبد الله (ع) ارقه فاستقى آخر فخرج فيه فارة فقال أبو عبد الله (ع) ارقه فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شئ قال صبه في الاناء فصبه في الاناء الامر بالإراقة لا يكون الا مع النجاسة ومنها خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) قلت له راوية من ماء فسقطت فيها فارة أو جرذ أو صعوة ميتة قال إن تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبها وإن كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء وظهوره لا ينكر الا انه معارض بما هو أكثر وأظهر من المستفيضة مثل موثقة سعيد الأعرج قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الجرة يسع مائة رطل من الماء يقع فيه أوقية من الدم أتوضأ منه واشرب قال لا وحمله على التغير يعلم بعده من نسبة الا وقية إلى مائة رطل وخبر أبي بصير وما يبل الميل ينجس حبا من ماء وما ينجس من النبيذ ينجس حبا من ماء وخبر عمر بن حنظلة في المسكر وفيه لا قطرة قطرت منه في حب الا أهريق ذلك الحب و رواية قرب الإسناد عن حب ماء يقع فيه أوقية بول هل يصلح شربه أو الوضوء قال لا يصلح وموثقة عمار عن الصادق (ع) في ماء شرب منه باز أو صقرا وعقاب أو دجاجة فقال كل شئ من الطير يتوضأ بما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما وان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وما ورد في الإنائين المشتبهين من أنه يهريقهما ويتمم إلى غير ذلك ولم اقف لهم على خبر خاص اخر نعم قد استدل لهم بما يعم القليل ولكن يخصصه عمومات طهارة الماء بما تقدم وغيره والله العالم ثم إن في كيفية نجاسة مجموع الماء القليل بل جميع المايعات بملاقات النجاسة بعضه بخلاف غيرها من الجوامد الرطبة وجوها أحدها السراية من حيث الحكم بان يلاقى الجزء الأول للنجس فينجس وينجس ملاقيه مما يليه وهكذا لان كل جزء ملاق بالفعل لما يليه فينجس جميع الأجزاء في زمان واحد لحصول الملاقاة بينهما قيل نجاسة شئ منها ففي زمان الحكم بنجاسة الجزء الأول ينجس جميع ما عده الحصول الملاقاة بينه وبين الجزء الأول فلا يتوقف الحكم بنجاسة كل جزء على أزيد من الحكم بنجاسة ما يلاقيه بينه وبين النجس ويبطل هذا الوجه مضافا إلى النقض عليه بما أجمع على عدم السراية كالثوب الرطب إذا لاقي جزء منه النجاسة وكالدهن الجامد ونحوه مما لا يتعدى النجاسة إلى غير محلها وكالعالي من الماء المطلق إذا تنجس السافل منه ان ملاقاة كل جزء لما يليه ممنوعة لاستحالة ذلك فان المتلاقي من الجزئين سطحاهما لا تمامهما ومن المعلوم عدم ملاقاة أحد السطحين الملاقى للنجس للسطح الأخر فلا وجه لتنجسه حتى يتنجس به ما يلاقيه من سطح جزء اخر ودعوى ان نجاسة السطح الملاقى عبارة عن نجاسة الأجزاء اللطيفة من الماء لأن النجاسة تعرض الجسم لا العرض ولا يفرض في نظر العرف لذلك الجزء سطحان حتى يختص بالتنجيس أحدهما وان أمكن ذلك واقعا بناء على بطلان الجزء الغير المتجزي رجوع إلى حكم العرف تنجيس الجسم وان لم يلاقى النجاسة الا بعضه ولا حاجة معه إلى دعوى السراية من حيث التلاقي (الثاني) السراية من حيث نفس المتنجس فان الجزء الملاقى للنجس يسرى بنفسه إلى ما حوله من الأجزاء كما يظهر للحس مع كون ذلك الجزء النجس ذا كيفية سريعة النفوذ كما للون أو الطعم وقد اعتنى الشارع بهذه السراية وان دقت وخفيت ما لم يبلغ الماء كرا فإذا بلغه لم يعتن بها وان ظهر من غير جهة من الأوصاف الثلاثة كالحرارة والبرودة وهذا أكثر نقضا من الوجه الأول لانتقاضه بالكر مع احساس السراية فيه وبما ذكر في الوجه السابق ويلزم عليه ان يكون انفعال مجموع الماء على التدريج وان يتفاوت زمان السراية بالنسبة إلى المايع الرقيق والغليظ مع أن التدريج باطل اجماعا فضلا عن تفاوت المايعات في ذلك (الثالث) ان يكون الوجه تعبد الشارع بذلك في المايعات دون غيرها فالساري إلى ما عدا الجزء الملاقى للنجس من الأجزاء النجاسة الشرعية لا غير وليس في الحقيقة سراية وفى المصباح فالمتبع هو الدليل الشرعي المتبادر عرفا من الدليل الشرعي وهو قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ان ما دون الكر ينجسه شئ وينجسه ظاهر في تنجس جميعه من غير فرق بين الجزء العالي منه والسافل والمساوي وكما أن المتبادر من نسبة التنجيس إلى النجاسة كون الواسطة هي مطلق الملاقاة
صفحة ١٠