التفسير والبيان لأحكام القرآن

عبد العزيز الطريفي ت. غير معلوم
69

التفسير والبيان لأحكام القرآن

الناشر

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٨ هـ

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

وقوله: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ هي مِن ألفاظ الاستغفارِ لبني إسرائيلَ؛ أُمِرُوا بها عندَ الدخولِ؛ يُقالُ: حَطَّ اللهُ عنك خطايَاك، فهو يحُطُّها حِطَّةً؛ روى ابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتمٍ؛ قال سعيد بنُ جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: حِطَّةٌ: مغفرةٌ. وبه قال: استغفِروا اللهَ (١). وهو قولُ أكثرِ المفسِّرينَ مِن السلفِ؛ ويؤيِّدُ هذا أنَّه قال بعدَ ذلك: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾؛ أي: استغفِروا ليُغفَرَ لكم، ولكنَّهم خالَفُوا أمرَ اللهِ، فزحَفُوا على أَسْتَاهِهِمْ؛ أي: مَقَاعِدِهم؛ كما في "الصحيحينِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ ﵁؛ يقولُ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾، فَبَدَّلُوا؛ فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ) (٢). وهذا التبديلُ مِن تبديلِ اللفظِ وتبديل المعنى وتبديلِ العملِ؛ وهو شرُّ أنواعِ التحريفِ لأَمْرِ اللهِ، وهو المقصودُ في قولِه بعدَ ذلك: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: ٥٩]. أفضلُ أنواعِ التوبةِ وأقواها: وفي الآيةِ دليلٌ على أنَّ أقوَى أنواعِ التوبةِ: تلك التي يجتمِعُ فيها عملُ القلبِ وعملُ الجوارحِ وقولُ اللسانِ؛ ولذا أمَرَهم اللهُ بالسجودِ، وأمَرَهُمْ بقولِ: "حِطَّةٌ"، ولا بدَّ مِن عملِ القلبِ؛ لأنَّه أصلُ الامتثالِ بهذه المأموراتِ، وأنَّ هذا هو أعظمُ الإحسانِ؛ ولذا قال: ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾، مع أنَّ الإتيانَ بالأعمالِ الصالحةِ في ذاتِه مكفِّرٌ للسيِّئاتِ؛ لقولِه: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤].

(١) "تفسير الطبري" (١/ ٧١٦، ٧١٧)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ١١٨). (٢) أخرجه البخاري (٣٤٠٣) (٤/ ١٥٦)، ومسلم (٣٠١٥) (٤/ ٢٣١٢).

1 / 71