186

التفسير والبيان لأحكام القرآن

الناشر

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٨ هـ

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

فيهمُ الدِّيَةُ، فقالَ اللَّهُ ﷿ لهذِهِ الأُمَّةِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ (١). وروى ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه"؛ مِن حديثِ عَلِيِّ بنِ أبي طَلْحة، عَنِ ابن عَبَّاسٍ؛ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ "وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالمَرْأَةِ، وَلَكِنْ كَانُوا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالرَّجُلِ، وَالمَرْأَةَ بِالمَرْأَةِ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥]، فَجَعَلَ الأَحْرَارَ فِي القِصَاصِ سَوَاءً فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي العَمْدِ، سَوَاءً رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ، وَجَعَلَ العَبِيدَ مُسْتَوِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي العَمْدِ، وَفِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ" (٢). والعفوُ: قَبُولُ الديةِ، ومَنْ عُفِيَ عنه، فليُؤَدِّ الديةَ بالمعروفِ؛ شكرًا لفضلِ أهلِ الفضلِ؛ روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن مجاهِدٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ؛ قَوْلَهُ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾: فالعَفْوُ في أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ في العَمْدِ. ورُوِيَ عن جابِرِ بنِ زَيْدٍ، وأبي العالِيةِ، ومجاهِدٍ، وعطاءٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، ومقاتِلٍ، والحسنِ - نحوُ ذلكَ (٣). وعن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن مجاهِدٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو: ﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾؛ قال: "ذلكَ في الدِّيَةِ" (٤). والعدوانُ بعدَ الديةِ مِن أولياءِ المقتولِ ظُلْمٌ وعُدْوانٌ جديدٌ؛ فالديةُ تَجُبُّ ما قبلَها، وتَنزِعُ أصلَ الحقِّ كلِّه، فلا يجوزُ لِمَنْ قَبِلَ الديةَ أنْ تأخُذَهُ الحميَّةُ فيَعتدِيَ؛ فذلك متوعَّدٌ بالعذابِ الأليمِ، وهو الموجِعُ المؤلِمُ.

(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٩٣). (٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٩٤). (٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٩٣). (٤) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٩٦).

1 / 188