والقول الثالث جميع المخلوقات ، لقوله تعالى : (( وما رب العالمين (23) قال رب السماوات والأرض وما بينهما )) ( الشعراء : 23، 24 ) وهذا شائع أن كل جنس على الأصح عالم في نفسه على حدة ، وكون الجميع فيه بالواو والنون تغليبا لمن يعقل ، وعلى هذا فقد اختلف في حصرها فقيل ألف عالم : ستمائة قي البحر ، وأربعمائة في البر ، وقيل ثمانية عشر ألف عالم ، الدنيا عالم منها ، وما العمار في الخراب إلا كقسطاط في صحراء . وقيل ثمانون ألف عالم ، أربعون ألفا في البحر ، وأربعون ألفا في البر .
والقول الرابع لا يحصى عدد العالمين إلا الله ، لقوله تعالى : (( وما يعلم جنود ربك إلا هو )) ( المدثر: 31) وكأنه على هذا من التأويل هو الأوجه فيه والكائنات كلها شاهدة له ، لأنه ربها إذ كل شيء منها ينادي بمقاله ، على لسان حاله في حدثه أن له محدثا أحدثه لوجود شدة الحاجة منها في إيجادها ، وتوالي إمدادها ، إلى واحد واجب لذاته ، الوجود الذي لا يقبل الحدث في القدم نعم ، وكان هذا الدليل القاطع ، على وجود الصانع المتولي أمرها إبداعا وتدبيرا ، واختراعا وتصويرا ، على مقتضى المشيئة تقديرا ، صار المقتضى لظهور الحياة والقدرة ، والعلم والإرادة ، والحكمة والقوة والعزة ، والقدم والبقاء ، والإحاطة بالأشياء ، وأنه ليس كمثله شيء ، لاستحالة مماثلة الصناعة للصانع لها عقلا إلى غيرها ، مما لا يحصى من المعاني في الصفات لله الخالق لكل شيء .
(9)
صفحة ١٣