تفسير الإمام الشافعي
محقق
د. أحمد بن مصطفى الفرَّان (رسالة دكتوراه)
الناشر
دار التدمرية
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) الآية، فذلك ما فرض الله على اللسان من
القول، والتعبير عن القلب، وهو عمله، والفرض عليه من الإيمان.
قال الله ﷿: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)
الرسالة: باب (فرض الصلاة للذي دل الكتاب ثم السنة على من تزول عنه
بالعذر وعلى من لا تكتب صلاته بالمعصية):
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: ووجه اللَّه رسوله للقبلة في الصلاة إلى بيت
المقدس، فكانت القبلة التي لا يحل - قبل نسخها - استفبال غيرها، ثم نسخ
الله قِبلَة بيت المقدس، ووجهه إلى البيت فلا يحل لأحد استقبال بيت المقدس
أبدًا لمكتوبة، ولا في أن يستقبل غير البيت الحرام.
وقال الشَّافِعِي أيضًا: وكل كان حقًا في وقته، فكان التوجه إلى بيت المقدس
- أيام وجه اللَّه إليه نبيه - حقًا، ثم نسخه، فصار الحق في التوجه إلى البيت
الحرام أبدًا، لا في استقبال غيره في مكتوبة إلا في بعض الخوف - أي: بعض
أوجه صلاة الخوف - أو نافلة في سفر، استدلالًا بالكتاب والسنة.
وهكذا كل ما نسخ اللَّه - ومعنى (نَسَخَ): ترك فرضه - كان حقًا في
وقته، وتركه حقًا إذا نسخه اللَّه، فيكون من أدرك فرضه مطيعًا به وبتركه، ومن لم يُدركِ فرضه مطيعًا باتباع الفرض الناسخ له.
1 / 226