تفسير الإمام الشافعي
محقق
د. أحمد بن مصطفى الفرَّان (رسالة دكتوراه)
الناشر
دار التدمرية
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
قال الشَّافِعِي ﵀: فالحديث جملة على الرهن، ولم يخص رسول اللَّه ﷺ فيما بلغنا رهنًا دون رهن.
واسم الرهن يقع على: ما ظهر هلاكه ومخفي.
ومعنى قول النبي ﷺ واللَّه تعالى أعلم -:
"لا يغلق الرهن بشيء"، أي: إن ذهب لم يذهب بشيء، وإن أراد صاحبه افتكاكه، ولا يغلق في يدي الذي هو في يديه. ..
والرهن للراهن أبدًا، حتى يخرجه من ملكه بوجه يصحُّ إخراجه له، والدليل
على هذا قول رسول الله ﷺ: "الرهن من صاحبه الذي رهنه"، ثم بيّنه وأكدّه فقال:
"له غنمه وعليه غرمه"، وغنمه: سلامته وزيادته، وغرمه: عطبه ونقْصه.
الأم (أيضًا): رهن المشاع:
قال الشَّافِعِي ﵀: لا بأس بأن يرهن الرجل نصف أرضه، ونصف
داره، وسهمًا من أسهم من ذلك مشاعًا غير مقسوم، إذا كان الكلّ معلومًا، وكان ما رهن منه معلومًا، ولا فرق بين ذلك وبين البيوع.
وقال بعض الناس: لا يجوز الرهن إلا مقبوضًا مقسومًا، لا يخالطه غيره، واحتجّ بقول اللَّه ﵎: (فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) الآية.
قال الشَّافِعِي ﵀: فالقبض: اسم جامع، وهو يقع كعان مختلفة، كيفما
كان الشيء معلومًا، أو كان الكلّ معلومًا، والشيء من الكل جزء معلوم من
أجزاء، وسُلِّم حتى لا يكون دونه حائل فهو قبض، فقبض الذهب والفضة
والثياب في مجلس الرجل، والأرض أن يؤتى في مكانها فتسلم، لا تحويها يد ولا يحيط بها جدار، والقبض في كثير من الدور والأرضيين إسلامها بأعْلاَقها،
1 / 456