وقال أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف: حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا عبدة، عن هشام، عن أبيه، أن أبا بكر هو الذي جمع القرآن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: ختمه (5) . صحيح أيضا. وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، هو الذي تنبه لذلك لما استحر القتل بالقراء، أي اشتد القتل وكثر في قراء القرآن يوم اليمامة، يعني: يوم اليمامة، يعني يوم قتال مسيلمة الكذاب وأصحابه ومن بني حنيفة بأرض اليمامة في حديقة الموت، وذلك أن مسيلمة التف معه من المرتدين قريب من مائة ألف، فجهز الصديق لقتاله خالد بن الوليد في قريب من ثلاثة عشر ألفا، فالتقوا معهم (6) فانكشف الجيش الإسلامي لكثرة من فيه من الأعراب، فنادى القراء من كبار الصحابة: يا خالد، يقولون: ميزنا من هؤلاء الأعراب فتميزوا (7) منهم، وانفردوا، فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف، ثم صدقوا الحملة، وقاتلوا قتالا شديدا، وجعلوا يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة، فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله .
هذا منقطع، فإن الحسن لم يدرك عمر، ومعناه: أشار بجمعه فجمع؛ ولهذا كان مهيمنا على حفظه وجمعه كما رواه ابن أبي داود حيث قال: حدثنا أبو الطاهر (5) حدثنا ابن وهب، حدثنا عمر بن طلحة الليثي، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن عمر لما جمع القرآن كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان (6) .
وذلك عن أمر الصديق له في ذلك، كما قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر، رضي الله عنه، أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه (7) . منقطع حسن.
ولهذا قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129] ، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع، فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي. والحديث رواه أهل السنن (8) وهو مشهور، وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية أن أبي بن كعب أملاها عليهم مع خزيمة بن ثابت (9)
صفحة ٣٥