تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
86

تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

محقق

مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان

الناشر

دار ومكتبة الهلال

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ

مكان النشر

بيروت

والعبادات تخرجها عن مألوفاتها وعوائدها، وتنقلها إلى مشابهة العقول المجردة، فتصير عالمة قابلة لا تناقش صور العلوم والمعارف فيها، وهذا يقوله طائفتان. أحدهما: من يقرب إلى النبوات والشرائع من الفلاسفة، القائلين بقدم العالم، وعدم الشقاق الأفلاك، وعدم الفاعل المختار. الطائفة الثانية: من تفلسفت: من صوفية الإسلام. وتقرب إلى الفلاسفة. فإنهم يزعمون أن العبادات رياضات لاستعداد النفوس وتجردها، ومفارقتها العالم الحسي، ونزول الواردات والمعارف عليها. ثم من هؤلاء من لا يوجب العبادات إلا لهذا المعنى، فإذا حصل لها بقي مخيرا في حفظ أوراده، أو الاشتغال بالوارد عنها، ومنهم من يوجب القيام بالأوراد والوظائف. وعدم الإخلال بها، وهم صنفان أيضا. أحدهما: من يوجبونه حفظا للقانون، وضبطا للناموس. والآخرون: الذين يوجبونه حفظا للوارد، وخوفا من تدرج النفس بمفارقتها له إلى حالتها الأولى من البهيمية. فهذه نهاية أقدام المتكلمين على طريق السلوك. وغاية مفارقتهم بحكم العبادة وما شرعت لأجله، ولا تكاد تجد في كتب القوم غير هذه الطرق الثلاثة، على سبيل الجمع، أو على سبيل البدل. فصل وأما الصنف الرابع وهم الطائفة: المحمدية الإبراهيمية: أتباع الخليلين، العارفون بالله وحكمته في أمره وشرعه وخلقه، وأهل البصائر في عبادته، ومراده بها.

1 / 91