تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
61

تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

محقق

مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان

الناشر

دار ومكتبة الهلال

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ

مكان النشر

بيروت

سواه فثبت أن كل ما سواه مربوب، والمربوب مخلوق بالضرورة، وكل مخلوق حادث بعد أن لم يكن، فإذا ربوبيته تعالى لكل ما سواه تستلزم تقدمه عليه وحدوث المربوب، ولا يتصور أن يكون العالم قديما، وهو مربوب أبدا، فإن القديم مستغن بأزليته عن فاعل له، وكل مربوب فهو فقير بالذات، فلا شيء من المربوب بغني ولا قديم. الثالث: إثبات توحيده، فإنه يقتضي عدم مشاركة شيء من العالم له في خصائص الربوبية، والقدر من خصائص الربوبية، فالتوحيد ينفي ثبوته لغيره ضرورة، كما ينفي ثبوت الربوبية والإلهية لغيره. فصل في بيان تضمنها للرد على الرافضة وذلك من قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ إلى آخرها. ووجه تضمنه إبطال قولهم: أنه سبحانه قسم الناس إلى ثلاثة أقسام: منعم عليهم، وهم أهل الصراط المستقيم، الذين عرفوا الحق واتبعوه. ومغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ورفضوه. وضالون، وهم الذين جهلوه فأخطأوه. فكل من كان أعرف للحق، وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم. ولا ريب أن أصحاب رسول الله ﷺ ورضي الله عنهم: هم أولى بهذه الصفة من الرافض. فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله ﷺ ورضي الله عنهم جهلوا الحق وعرفه الروافض، أو رفضوه وتمسك به الروافض. ثم إنا رأينا آثار الفريقين تدل على أهل الحق منهما، فرأينا أصحاب رسول الله ﷺ فتحوا بلاد الكفر، وقلبوها بلاد إسلام، وفتحوا القلوب بالقرآن والعلم والهدى. فآثارهم تدل على أنهم هم أهل الصراط المستقيم. ورأينا

1 / 66