96

تفسير السمعاني

محقق

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض - السعودية

﴿الْحق فاعفوا واصفحوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره إِن الله على كل شَيْء قدير (١٠٩) الْكتاب ﴿لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا﴾ قيل: نزل ذَلِك فِي عمار وَحُذَيْفَة؛ فَإِن الْيَهُود دعوهم إِلَى دينهم فَقَالَ عمار: كَيفَ نقض الْعَهْد فِيكُم؟ قَالُوا: شَدِيد. قَالَ عمار: فقد عَاهَدت الله أَلا أكفر بِمُحَمد. فَقَالُوا لِحُذَيْفَة: مَا تَقول أَنْت؟ قَالَ: الله ربى وَمُحَمّد نبيي، وَالْقُرْآن إمامي. فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَقيل: هُوَ فِي حق الْكفَّار وَالْمُسْلِمين على الْعُمُوم؛ لأَنهم مازالوا يودون عود الْمُسلمين إِلَى الْكفْر. ﴿حسدا﴾ وَذَلِكَ أَنهم عرفُوا أَن مُحَمَّدًا نبيي حق، وَأَنَّهُمْ باتباعه نالوا من الْإِسْلَام مَا لم ينالوه؛ فحسدوهم على دينهم. فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله ﴿حسدا من عِنْد أنفسهم﴾ وَلَا يكون الْحَسَد من عِنْد الْغَيْر؟ قيل: مَعْنَاهُ: من تلقائهم لم ينزل بِهِ كتاب وَلَا ورد بِهِ أَمر. وَقيل: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وتقديرها: ود كثير من أهل الْكتاب من عِنْد أنفسهم لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسدا. ﴿من بعد مَا تبين لَهُم الْحق﴾ من بعد مَا ظهر أَنه حق. قَوْله تَعَالَى: ﴿فاعفوا واصفحوا﴾ الْعَفو: المحو، والصفح: الْإِعْرَاض، وَإِنَّمَا نزل هَذَا قبل آيَة الْقِتَال، ثمَّ نسخ بِآيَة الْقِتَال. ﴿حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره﴾ يَعْنِي: بشرع الْقِتَال. وَقَالَ ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: حَتَّى يَأْتِي الله بِأَمْر: من فتح قسطنطينية، ورومية، وعمورية. وَقيل: حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره: من فتح قرى الْيَهُود، مثل خَبِير، وفدك، وإجلاء بني النَّضِير، وَمثل بني قُرَيْظَة. ﴿إِن الله على كل شَيْء قدير﴾ أَي قَادر.

1 / 126