316

تفسير السمعاني

محقق

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض - السعودية

﴿حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ (١٠٢) واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا واذْكُرُوا نعمت الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذكم مِنْهَا كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تهتدون (١٠٣) ولتكن﴾
(وَإِذا أجوزها حبال قَبيلَة ... نزلت من الْأُخْرَى إِلَيْك حبالها)
أَي: طريقها. وأصل الْحَبل كل مَا يوصلك إِلَى الشَّيْء، فتفوز بِهِ، والعهد: حَبل، وَالْقُرْآن: حَبل، (وَمِنْه) الْحَبل الْمَعْرُوف؛ لِأَنَّهُ يُوصل إِلَى الْمَقْصُود.
﴿وَلَا تفَرقُوا واذْكُرُوا نعمت الله عَلَيْكُم﴾ سَبَب نزُول الْآيَة مَا روى " أَن رجلَيْنِ: أَحدهمَا من الْأَوْس، وَالْآخر من الْخَزْرَج تسابا، فَدَعَا كل وَاحِد مِنْهُمَا قبيلته؛ فثار الْحَيَّانِ، وضربوا بِأَيْدِيهِم إِلَى السيوف، وَكَاد يكون بَينهم قتال، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله فَخرج عَلَيْهِم وَهُوَ على حمَار، وَقَامَ بَينهم؛ فَنزلت الْآيَة، وتلا عَلَيْهِم، فبكوا، وَمَشى كل وَاحِد إِلَى صَاحبه وتعانقوا، واصطلحوا وَكفوا عَن الْقِتَال "، قَالَ جَابر: مَا كَانَ يَوْمًا أقبح أَولا من ذَلِك الْيَوْم، وَلَا أحسن آخر من ذَلِك الْيَوْم. فَقَوله: ﴿وَلَا تفَرقُوا﴾ الْخطاب مَعَهم (واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم) يَعْنِي: بِالْإِسْلَامِ وَبعث الرَّسُول وإنزال الْكتاب.
﴿إِذْ كُنْتُم أَعدَاء﴾ لِأَن الْأَوْس والخزرج كَانَ بَينهم قتال [دَامَ] مائَة وَعشْرين سنة ﴿فألف بَين قُلُوبكُمْ﴾ يَعْنِي: بِالْإِسْلَامِ ﴿فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا﴾ (أَي: فِي الدّين) .
﴿وكنتم على شفا حُفْرَة﴾ أَي: طرف حُفْرَة ﴿من النَّار فأنقذكم مِنْهَا﴾ .
وَقيل: نزلت الْآيَة فِي مُشْركي الْعَرَب، وَالْأول [أصح وَهُوَ] قَول عِكْرِمَة. ﴿كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تهتدون﴾ أَي: ترشدون، وتسلكون طَرِيق الْحق.

1 / 346