275

تفسير السمعاني

محقق

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض - السعودية

﴿يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم (٢١) أُولَئِكَ الَّذين حبطت أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا لَهُم من ناصرين (٢٢) ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يدعونَ إِلَى كتاب الله ليحكم بَينهم ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم وهم﴾
يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس) أَي: بِالْعَدْلِ ﴿فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم﴾ وَإِنَّمَا خَاطب أَبْنَاءَهُم بِهِ، مَعَ أَن (الْجِنَايَة) وجدت من آبَائِهِم؛ (لأَنهم) رَضوا بفعلهم، ودانوا بدينهم، فاستوجبوا هَذَا (الْعَذَاب) .
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذين حبطت أَعْمَالهم﴾ أَي: بطلت، والحبوط والبطلان، فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَبطلَان الْعَمَل فِي الدُّنْيَا: أَلا يقبل، وَفِي الْآخِرَة: أَنه لَا يجازى عَلَيْهِ بالثواب، ﴿وَمَا لَهُم من ناصرين﴾ من يمْنَع عَنْهُم الْعَذَاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب﴾ قيل: ورد هَذَا فِي يهود بني قُرَيْظَة وَالنضير؛ " فَإِن النَّبِي أَتَى بَيت مدارسهم، فَقَالَ لَهُ نعيم بن عَمْرو الْحَارِث بن يزِيد: على أَي مِلَّة أَنْت؟ فَقَالَ: على مِلَّة إِبْرَاهِيم. فَقَالَ نعيم: إِن إِبْرَاهِيم كَانَ يَهُودِيّا. فَقَالَ: بيني وَبَيْنكُم التَّوْرَاة، أخرجُوا التَّوْرَاة. فَأَبَوا أَن يخرجوها "، فَهَذَا هُوَ قَوْله ﴿يدعونَ إِلَى كتاب الله ليحكم بَينهم﴾ يَعْنِي: التَّوْرَاة.
وَفِيه قَول آخر: أَن الْآيَة فِي نَصَارَى وَفد نَجْرَان، وَقَوله ﴿يدعونَ إِلَى كتاب الله﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ليحكم بَينهم.
﴿ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم وهم معرضون﴾ وَذَلِكَ أَن بَعضهم قد أَسْلمُوا.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات﴾ يرجع هَذَا

1 / 305