270

تفسير السمعاني

محقق

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض - السعودية

﴿الْأَبْصَار (١٣) زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء والبنين والقناطير المقنطرة من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْخَيْل المسومة والأنعام والحرث ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالله عِنْده حسن المآب (١٤) قل أؤنبئكم بِخَير من ذَلِكُم للَّذين اتَّقوا عِنْد رَبهم جنَّات﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء والبنين﴾ قَالَ الْحسن: المزين: هُوَ الشَّيْطَان؛ لِأَن الله تَعَالَى ذمّ الدُّنْيَا بأبلغ ذمّ، فَلَا يزينه فِي الْأَعْين. وَقَالَ عَامَّة الْمُفَسّرين: المزين: هُوَ الله تَعَالَى، وتزيينه: أَنه حبب فِي قُلُوبهم شَهْوَة النِّسَاء والبنين ﴿والقناطير المقنطرة من الذَّهَب وَالْفِضَّة﴾، فالقناطير: جمع القنطار، وَهُوَ مَال كثير، ثمَّ اخْتلفُوا؛ قَالَ معَاذ وَأبي بن كَعْب: القنطار: ألف وَمِائَتَا أُوقِيَّة، وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك: هُوَ ألف دِينَار أَو اثْنَا عشر ألف دِرْهَم. وَقَالَ سعيد بن الْمسيب: هُوَ ثَمَانُون ألف دِرْهَم. وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ سَبْعُونَ ألف دِينَار. وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ مائَة رَطْل من ذهب أَو فضَّة. وَقَالَ أَبُو نَضرة: هُوَ ملْء مسك ثَوْر من ذهب أَو فضَّة. وسمى قِنْطَارًا؛ من الْأَحْكَام والتوثيق، وَأما المقنطرة: فَهِيَ الْمَجْمُوعَة المملكة. قَالَ الْفراء: القناطير ثَلَاثَة، والمقنطرة تِسْعَة.
قَوْله: ﴿وَالْخَيْل المسمومة﴾ قَالَ مُجَاهِد: هِيَ الحسان المطهمة، وَقَالَ سعيد ابْن جُبَير: المسومة: الراعية. يُقَال: أسام الْخَيل من الرعى. وَفِيه قَول ثَالِث، المسومة: المعلمة من السيما، وَهِي الْعَلامَة. مِنْهُم من قَالَ: سيماها: الشّبَه. وَمِنْهُم من قَالَ: سيماها الكي ﴿والأنعام﴾: هِيَ الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم ﴿والحرث﴾: هِيَ الْأَرَاضِي المهيأة للزِّرَاعَة ﴿ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنه مَتَاع يفنى.
﴿وَالله عِنْده حسن المآب﴾ فِيهِ تزهيد فِي الدُّنْيَا وترغيب فِي الْآخِرَة، ثمَّ أكده
بقوله تَعَالَى: ﴿قل أؤنبئكم بِخَير من ذَلِكُم للَّذين اتَّقوا عِنْد رَبهم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَأَزْوَاج مطهرة ورضوان من الله﴾ وقرىء " رضوَان " بِضَم الرَّاء، وهما فِي الْمَعْنى سَوَاء يُقَال: رضى يرضى رِضَاء ورضوانا. ورضوانا،

1 / 300