103

تفسير السمعاني

محقق

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض - السعودية

﴿الْهدى وَلَئِن اتبعت أهواءهم بعد الَّذِي جَاءَك من الْعلم مَا لَك من الله من ولي وَلَا نصير (١٢٠) الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته أُولَئِكَ يُؤمنُونَ بِهِ وَمن يكفر
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلنْ ترْضى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تتبع ملتهم﴾ مَعْنَاهُ: وَلنْ ترْضى عَنْك الْيَهُود إِلَّا باليهودية، وَلَا النَّصَارَى إِلَّا بالنصرانية. ﴿حَتَّى تتبع ملتهم﴾ وَالْملَّة: الطَّرِيقَة، وَمِنْه خبز الْملَّة. سمى الرماد الَّذِي جعل فِيهِ الْخبز: مِلَّة؛ لِأَنَّهُ يظْهر فِيهِ آثَار وخطوط. ﴿قل إِن هدى الله هُوَ الْهدى﴾ يَعْنِي: دين الله: هُوَ الدّين الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ. ﴿وَلَئِن اتبعت أهواءهم﴾ قيل: إِنَّه خطاب للنَّبِي، وَالْمرَاد بِهِ الْأمة لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُوما من اتِّبَاع الْأَهْوَاء، وَمثله قَوْله تَعَالَى: ﴿لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك﴾ ﴿بعد الَّذِي جَاءَك من الْعلم مَالك من الله من ولي وَلَا نصير﴾ مَعْلُوم. وَقيل معنى الْآيَة: أَن الْيَهُود طلبُوا من النَّبِي المهادنة وَقَالُوا: لَا تحاربنا وَلَا تَقْتُلنَا، وأمهلنا؛ فَرُبمَا نسلم. فَنزل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلنْ ترْضى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تتبع ملتهم﴾ يَعْنِي: إِنَّك إِن هادنتهم فَلَنْ يرضون بهَا. وَإِنَّمَا يطْلبُونَ ذَلِك تعللا وافتعالا، وَلَا يرضون عَنْك إِلَّا بِاتِّبَاع ملتهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب﴾ قيل: أَرَادَ بِهِ قوما من الْيَهُود أَسْلمُوا. وَقيل: أَرَادَ بِهِ قوما من النَّصَارَى جَاءُوا مَعَ جَعْفَر بن أبي طَالب حِين قدم من الْحَبَشَة فأسلموا. ﴿يتلونه حق تِلَاوَته﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس، وَابْن مَسْعُود: يحللون حَلَاله، ويحرمون حرَامه وَلَا يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه. وَقَالَ الْحسن: يعْملُونَ بأوامره، ويؤمنون بمحكمه، ويكلون الْمُتَشَابه إِلَى الله تَعَالَى. وَقَالَ عِكْرِمَة: يتبعونه حق اتِّبَاعه من قَوْلهم: تَلا أَي تبع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا﴾ .

1 / 133