بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر كتاب أرسطوطاليس فى النبات تفسير نيقولاوس ترجمة اسحق بن حنين باصلاح ثابت بن قرة وهو مقالتان قال الفيلسوف أرسطوطاليس:
إن الحياة موجودة فى الحيوان والنبات، غير ان حياة الحيوان بينة ظاهرة وحياة النبات خفية غامضة، يحتاج فيها الى بحث واستقصاء حتى يوصل الى سبيل الحق فيها.
ليت شعرى للنبات نفس وقواها كالقوة المشتهية والقوة المميزة للغم واللذة أم ليس له شىء من ذلك؟
اما أنكساغورس وهمفدوقلس فزعما ان للنبات شهوة وحسا وغما ولذة، وزعم أنكساغورس انه حيوان وانه يفرح ويحزن، وزعم ان دليله على ذلك انتثار ورقه فى حينه. واما همفدوقلس فزعم ان ذكوره واناثه مختلطة.
صفحة ١٢٧
واما أفلاطون فقال ان للنبات قوة الشهوة فقط، وذلك لاضطراره الى الغذاء. وإن صح للنبات قوة الشهوة وجبت له اللذة والحزن والحس.
فليت شعرى نوم ويقظة للنبات ونسم وذكور واناث او شىء يجتمع من الذكر والانثى على ما زعم همفدوقلس ام ليس له نفس؟
فان كثرة الاختلاف الواقع فى نفس النبات مما يحوجنا الى البحث الطويل عن جميع حالاته، وأصلح الاشياء قطعه ونفى الشك عنا فيه لئلا نحتاج فى سائر الاشياء الى بحث طويل.
ومن الناس من قال ان للنبات نفسا لما رأى من توالده واغتذائه ونمائه وشبابه وهرمه، اذ لم يجد فى شىء من [هذه] الاشياء التى لا نفس لها ما يشارك النبات فى هذه الاشياء، وإن و جبت هذه الاشياء للنبات وجبت له الشهوة ايضا.
والواجب علينا <اولا> ان نتكلم فى الاشياء الظاهرة ثم نتكلم فى الاشياء الخفية.
فيقول ان الشىء المغتذى له شهوة وهو يجد اللذة عند الشبع والاذى عند الجوع. وهذه الحالات انما تكون مع الحس. فقد صح ان رأى الذى زعم ان للنبات حسا وشهوة رأى عجيب جدا.
فاما أنكساغورس وهمفدوقلس وديمقرا طيس فزعموا ان للنبات عقلا وفهما الا انه ينبغى لنا ان نمسك عن هذه الاقاويل القبيحة ونبدأ بالقول الصحيح:
صفحة ١٢٩
ليس للنبات حس لا شهوة لان الشهوة انما تكون بالحس، ومنتهى إرادتها راجع اليه.
ولسنا نجد للنبات حسا ولا عضوا حاسا ولا متالما متألما ولا صورة محدودة ولا إدراك شىء من الاشياء ولا حركة ولا نهوضا الى المحسوس ولا دليلا يوجب له الحس كالدلائل التى أوجبت له الاغتذاء والنماء.
وانما يصح له بجزء الاغتذاء والنماء جزء من اجزاء النفس، فان وجدنا للنبات دليلا أوجب له جزءا من اجزاء النفس و بطل عنه الحس، فما ينبغى لنا ان نقول إن له حسا.
لان الحس هو سبب صفاء الجبلة، واما الغذاء فهو <سبب> نمو [حياة] الحى وعيشته، [لان الغذاء رئيس العيش. فاما الحس فهو رئيس صفاء الحياة].
وما وقعت هذه الاختلافات الا فى مواضعها، لان معرفة الشىء المتوسط بين الحياة وعدمها صعب جدا.
ولعل قائلا يقول: إن كان النبات ذا حياة فهو حيوان وقد يصعب علينا ان يوجد للنبات رئيسا سوى رئيس حياة الحيوان.
فاما الذى يدفع ان يكون حيا لاحس له فقد نجد فى الحيوان ما لا معرفة له ولا عقل. [على ان الطبيعة مقللة لحياة الحيوان بالموت ومثبتة لاجناسه بالتولد والتناسل ومع هذا] فانه يسمح ان نضع بين ما لا نفس له وبين ما له نقس نفس شيئا يتوسطهما.
صفحة ١٣١
<و> نحن نعلم ان خراطيم الماء والاصداف حيوان لا معرفة له ولا عقل وانه نبات وحيوان. فما الذى حمل الناس على ان سعوه حيوانا الا لسبب الحس فقط؟
وذلك ان الاجناس يعطى انواعها اسماءها وحدودها. فاما الانواع فلا تعطى اجناسها الا اسماءها فقط. وينبغى ان يكون الحس من اجل سبب واحد وألا يكون من اجل اسباب كثيرة. ووجود السبب الذى من اجله صح الحس صعب جدا.
صفحة ١٣٣
[ومن الحيوان حيوان ليس له <ذكر ولا> انثى ومنه ما ليس له نتاج ومنه ما لا حركة له ومنه ما هو متكون مختلط ومنه ما يلد ما لا يشبهه ومنه ما ينموا ***] 21a فاما الذى هو ابتداء حياة هذا الحيوان <فهو الحس، فاما النبات> ܘܐܢ ܢܐܫܦ ܐܡ̇ܪܝܢ ܕܠܝܬ ܠܗܝܢ ܪܓܫܬܐ ܐܠܐ ܡܛܠܗܕܐ ܠܐ ܐܠܨܐ ܕܠܐ ܚܝ̈ܐ ܢܐܡܪ ܐܢܝ̈ܢ وما يخلص حس الحيوان الكريم من الشك ܗܐ ܓܝܪ ܘܒܚܝ̈ܘܬܐ ܕܛܒ ܡܝܩܪ̈ܢ العظيم كالذى نجد ذلك فيما يحويه ܐܟܙܢܐ ܕܒܫܡܝܐ ܦܘܫܟܐ ܐܝܬ ܥܠ ܪܓܫܬܐ السماء من الكواكب وغير ذلك لانه ليس خارج السماء شىء محسوس ܡܛܠ ܕܠܝܬ ܡܕܡ ܠܒܪ ܡܢܗ ܕܒܗ ܢܪܓܫ فيقاس عليه. وكذلك فى الشمس وفى جميع الكواكب، وذلك لانها غير واقعة تحت الالم والحس هو الم وانفعال فى الحس. 133 ܐܦܠܐ ܬܘܒ ܡܛܠ ܕܠܐ ܢܬܬܙܝ̈ܥܢ
وليس للنبات حركة فى ذاته ܨܒܝܢܐܝܬ ܒܗ̇ܝ ܕܗܐ ܐܦ ܫܡܫܐ ܘܟܠܗܘܢ ܟܘ̈ܟܒܐ ܠܘ ܨܒܝܢܐܝܬ ܐܠܐ ܒܙܘ̈ܥܐ ܕܡܘ̈ܙܠܬܗܘܢ ܡܬܬܙܝܥܝܢ ܀ c لانه مربوط بالارض والارض غير متحركة.
بماذا نقيس الحياة؟ وبماذا نشبهها؟ ما نجد لها شيئا عاما.
ولكن ينبغى لنا ان نقول ان العام لحياة <الحيوان> هو الحس لان الحس هو المميز للحياة من الموت، واما السماء فلان لها رئيسا أكرم وأجل من رئيسنا فهو متباعدة عن هذه الاشياء.
وينبغى ان يكون للحيوان الكامل والناقص أمر يعمهما أعنى وجود الحياة [وعدمها]. وليس ينبغى لأحد ان يزوغ عن هذه الاشياء لانه ليس له متوسط بين المتنفس وغير المتنفس ولا بين الحياة وعدمها. ولكن بين الحياة والمتنفس واسطة، لان الغير متنفس هو ما لا نفس له ولا جزء من اجزائها.
فاما النبات فليس هو بغير ذى نفس وذلك لان فيه جزءا من اجزائها ولا هو حيوان ايضا لانه ليس له حس، وهو منتقل من الحياة الى عدمها قليلا قليلا كالذى فى سائر الاشياء.
ولنا ان نقول ان النبات متنفس على جهة أخرى ولا نقول انه غير متنفس إن كان ذا نفس [وذا حس] لان الشىء المغتذى ليس هو بغير ذى نفس.
والحيوان هو ذو نفس كاملة واما النبات فهو شىء غير كامل. والحيوان محدود الاعضاء واما النبات فغير محدود للطبيعة. وللنبات طبيعة خاصة من اجل الحركة التي في ذاته.
صفحة ١٣٥
وللقائل ان يقول ان له نفسا لان النفس هى المنشئة للحركات فى الاماكن والشهوات، والشهوة والحركة فى الاماكن انما تكون مع الحس.
واما اجتذاب الغذاء فيكون من المبدأ الطبيعى وهذا عام للنبات والحيوان، وليس يكون مع اجتذاب الغذاء حس على كل حال لان كل مغتذ يستعمل فى غذائه شيئين وهما الحرارة والبرودة.
ولذلك احتاج الحيوان الى غذاء رطب وغذاء يابس لان البرد موجود فى الغذاء اليابس، وذلك ان كل طبيعة من هاتين الطبيعتين غير مفارقة لصاحبتها، ولذلك صار غذاء المغتذى دائما متصلا الى وقت فساده.
وينبغى ان يستعمل فى الحيوان والنبات نظير ذلك وان نفحص مما سلف من قولنا فى شهوة النبات وحركته ونفسه وما يتحلل منه.
وليس للنبات نسيم على ان أنكساغورس زعم ان له نسيما. وقد نجد كثيرا من الحيوان ليس له نسيم.
ونجد للنبات عيانا ليس له نوم ولا يقظة، وذلك ان اليقظة هى من فعل الحس والنوم هو ضعف فى الحس. وليس يوجد شىء من هذا فى الشىء الذى يغتذى فى جميع الاوقات على حال واحدة وهو فى طبيعته غير حاس.
وأحسب ان الحيوان اذا اغتذى وترقى البخار من غذائه الى رأسه نام، واذا انقطع البخار المرتقى الى رأسه استيقظ من نومه. وارتفاع هذا البخار فى بعض الحيوان كثير ووقت نومه طويل، وارتفاعه فى بعضه قليل ووقت نومه قصير. والنوم سكون الحركة، والسكون راحة للمتحرك
صفحة ١٣٧
وأخص الاشياء كلها بهذا العلم البحث عما قال همفدوقلس: هل يوجد فى النبات اناث وذكور او نوع جامع للذكر والانثى على ما زعم.
لان من شأن الذكر ان يولد الولد فى غيره ومن شأن الانثى ان تلد من غيرها وان يكون [فى] كل واحد منهما معتزلا عن صاحبه. وليس يوجد فى النبات شىء من هذا <وكل نوع من انواع النبات يثمر فى نفسه لا فى غيره.>
لان كل نوع من النبات الذكر منه ما كان خشنا صلبا والانثى ضعيفة كثيرة الثمر.
وينبغى ان نبحث هل يوجد الصنفان فى نبات واحد بعينه كما زعم همفدوقلس؟
اما أنا فما أحسب ان هذا شىء يكون لان الشىء الذى يختلط ينبغى اولا ان يكون مفردا فى ذاته وكل ما كان منه ذكرا وانثى ثم اختلط، واختلاط الشىء انما يكون من اجل كونه فقد كان النبات موجودا قبل اختلاطه.
وما ينبغى ان يكون الفاعل والمنفعل فى وقت واحد معا. وايضا انه ليس يوجد جوهر من الجواهر اناثه وذكوره فى شىء واحد معا.
ولو كان هذا هكذا لكان النبات أكمل من الحيوان لانه كان لا يحتاج فى توليده الى شىء من خارج.
بل هو محتاج الى ازمنة السنة والى الشمس والاعتدال أكثر من كل شىء، ونجده يحتاج الى ذلك فى وفت ابراز الثمر.
صفحة ١٣٩
ومبتدأ غذاء النبات من الارض ومبتدأ توليده من الشمس إلا ان أنكساغورس زعم ان بزره من الهواء، ولذلك قال رجل يقال له القماون ان الارض أم النبات والشمس ابوه.
واما اختلاط ذكور النبات باناثه فلنا ان نتخيله على جهة اخرى لان بزر النبات شبيه بالحبل وهو اختلاط الذكر بالانثى.
وكما ان فى البيضة قوة تولد الفرخ ومادة غذائه الى وقت تمامه وخروجه منها، والانثى تبيض البيضة فى وقت واحد، فكذلك النبات ايضا.
وقد جود همفدوقلس فى قوله ان الشجر الطوال لا تولد فراخا لان الشىء النابت انما ينبت من جزء البزر، ويصير ما <بقى> فيه فى بدء الامر غذاء الاصل والسبب، والنابتة تتحرك على المكان.
فكذا ينبغى لنا ان نفكر فى اختلاط ذكور النبات باناثه. ومن الحيوان ما يشبه النبات فى حالة من الحالات لان الحيوان اذا واقع ذكوره باناثه اختلطت قوتهما بعد ما كانا مفترقين وتولد منهما شىء واحد، وكذلك النبات اذا اجتمع ذكورته واناثه اختلطت قوتهما بعد ما كانا مفترقين.
فان كانت الطبيعة خلطت ذكور النبات باناثه فقد فعلت الصواب. وما نجد للنبات فعالا سوى توليد الثمار، وانما صار الحيوان منفردا معتزلا فى الاوقات التى لا يجامع فيها لكثرة افعاله وعلومه.
صفحة ١٤١
ومن الناس من يظن ان النبات تام كامل من اجل القوتين اللتين له ومن اجل غذائه المهيأ المعد وبطول ابقائه ومدته وانه اذا أورق وولد دامت له حياته وعاد اليه شبابه، ولم يتولد فيه شىء من الفضول.
والنبات مستغن عن النوم لاسباب كثيرة وذلك لان النبات منتصب مغروس فى الارض مربوط بها.
وليس له حركة فى ذاته ولا لاجزائه حد محدود ولا له حس ولا حركة إرادية ولا له نفس كاملة بل انما له جزء من اجزائها.
والنبات انما خلق من اجل الحيوان ولم يخلق الحيوان من اجل النبات.
وان قلت ان النبات محتاج الى غذاء خسيس ردىء فانه يحتاج منه الى شىء كثير قائم متصل غير منتطع.
وان صح ان للنبات على الحيوان فضلا وجب ان تكون الاشياء الغير متنفسة أكرم من الاشياء المتنفسة.
وفعل من افعال الحيوان أفضل وأشرف من <فعل> النبات. وقد نجد للحيوان جميع فضائل النبات وفضائل كثيرة معها.
وقد أصاب همفدوقلس فى زعمه ان النبات تولد والعالم ناقص لم يستتم كماله، فلما كمل وتم تولد الحيوان.
غير انه ما قال قولا مستقيا لان العالم بكليته ازلى دائم لم يزل يولد الحيوان والنبات وكل نوع من انواعهما.
صفحة ١٤٣
وفى كل نوع من انواع النبات رطوبة وحرارة غريزية، فاذا فقدها مرض وهرم وفسد وجف. **************
ومن الناس من يسمى هذا فسادا ومنهم من لا يسميه بذلك.
ومن الشجر ما له صمغ كالرتينج وصمغ اللوز والمر والكندر والصمغ العربى ومن الشجر ما له عقد وعروق وجوف وخشب وقشر <و>لحم <ولب> داخل. ومنه ما أكثره قشور ومنه ما ثمرته تحت قشوره.
ومن اجزاء الشجر اجزاء بسيطة كالرطوبة الموجودة فيه والعقد والعروق. ومنها ما هو مركب من هذه الاشياء مثل سائر ما فى الشجر من الاغصان والقضبان وغير ذلك.
وليس هذه الاشياء كلها موجودة لجميع النبات بل منه ما له هذه الاجزاء ومنه ما ليس له شىء. وللنبات اجزاء غير هذه مثل الاصول والقضبان والورق والسوق والاغصان والزهر والفقاح والاستدارة والقشرالذى يحوى الثمار.
وكما ان فى الحيوان اعضاء متشابهة الاجزاء كذلك فى النبات ايضا. وكل جزء من اجزاء <مركبة> النبات نظير لعضو من اعضاء الحيوان لان قشر النبات نظير لجلد الحيوان واصل النبات نظير لفم الحيوان والعقد التى فيه نظيرة لاعصاب الحيوان وكذلك سائر الاشياء التى فيه.
صفحة ١٤٥
وكل جزء من هذه الاجزاء تتجزأ على جهة لاجزاء متشابهة وتتجزأ لاجزاء غير متشابهة <ايضا> لان الطين يتجزأ على جهة الى الترب فقط ويتجزأ على جهة اخرى الى اجزاء الماء والتربة، واللحم يتجزأ فتصير اجزؤه لحما وهو يتجزأ على جهة اخرى للاسطقسات او الاصول ، وليس تنقسم اليد ليد اخرى ولا الاصل لاصل آخر ولا الورق للورق، ولكن فى الاصل والورق تركيب.
واما الثمار فمنه ما هو من اجزاء يسيرة ومنه ما هو مركب من اجزاء كثيرة مثل الزيتون <ذو> اربع تركيب [sic] : ΨΣακ iqntΛΔ جلده ولحمه وطبقته الاولى كالجلدة والثانية اللحم والثالثة النواة والرابعة ونواته وبزره اللحاء الذى فى داخل النواة والبزر فى الوسط ومن الثمار ما هو ذو ثلاث طبقات.
وجميع البزور هى ذات قشرين. واجزاء النبات هى ما وصفنا.
وجملة القول ان تحديد اجزاء النبات وجميع طبقاته واختلاف طبائعه صعب شديدة ولا سيما حدود قوامه وكونه ووقت بقائه والآلام العارضة عليه، وليس للبنات اخلاق النفس ولا فعل مثل فعل الحيوان.
وإن قسنا اجزاء الحيوان باجزاء النبات طال كلامنا، ولعلنا لا نسلم فى صفتنا لاجزاء النبات من الاختلاف الكثير لان جزء الشىء هو من جنسه وجوهره الخاص، واذا تكون بقى على حاله ابدا الا ان يسقط عن حاله بسبب مرض او زمانة او هرم.
ومن زهر النبات وفقاحه وورقه وثماره ما يكون فى كل سنة ومنه ما لا يكون فى كل سنة ولا يبقى مثل القشر والرحم. الساقط منه لشىء يرميه ويسيئه.
صفحة ١٤٧
* * * * * * وليس ذلك فى النبات لانه قد يسقط من النبات اجزاء كثيرة فينبت بدالها <مثلها> إما فوق مكانها وإما أسفله.
فقد صح ان اجزاء النبات غير محدودة إن كانت هذه الاجزاء هى اجزاء النبات. وإن كانت غير اجزائه فقبيح بنا ان نقول فى الشىء الذى به ينمو النبات ويكمل انه ليس بجزئه. ومما ينبغى لنا ان لا نجعل ثمر النبات من اجزائه لان الجنين ليس هو بجزء لأمه.
واما الورق وسائر ما فيه فانه من اجزائه وإن كان غير محدود وكان ينتر ويسقط لان قرون الأيل وشعر بعض الحيوان وريش بعضه الذى يختفى فى الشتاء فى الكهوف وتحت الارض تتساقط ايضا: وهذا شبيه بانتثار ورق النبات.
وينبغى لنا ان نتكلم فى الاشياء التى ذكرنا آنفا وان نأخذ فى ذكر الاجزاء الخاصية والعامية والاختلاف الذى فيه .
فنقول فى اجزاء النبات اختلا ف عظيم فى الكثرة والقلة والصغر والكبر والقوة.
وذلك لان الرطوبة التى فى <الاشجار> الكبار منها ما هو لبن مثل لبن التين ومنها ما هو شبيه بالزفت مثل <الرطوبة التى فى الصنوبر ومنها ما هو مائى مثل> الرطوبة التى فى الكرم ومنها صعترى مثل الرطوبة التى فى الصعتر والنبات المعروف باوريغانون.
صفحة ١٤٩
وفى جملة القول ان من النبات نباتا له اجزاء محدودة معروفة، ومنها ما له اجزاء محدودة غير متشابهة ولا متساوية ومنها ما له اجزاء متشابهة، وغير متشابهة ليس مكانها فى موضع.
واختلاف النبات فى اجزائه معروف من شكله ولونه وسخافته وكثافته وخشونته ولينه وسائر ما يعرض فيه من الاختلاف فى الاستواء وزيادة العدد ونقصانه ومن كبره وصغره.
ومنه ما لا يكون على حال واحدة بل فيه اختلاف كثير على ما قلنا، اعنى من النبات ما يحمل ثمره فو ق ورقه ومنه ما يحمل ثمره تحت ورقه ومنه ما ثمره معلق بقامته ومنه ما ثمره معلق <فى رأسه ومنه ما ثمره معلق> فى اصله مثل الشجر الذى بعصر المعروف بارخيندا وباوفون ومنه ما ثمر فى وسطه.
ومن النبات ما ورقه وعقده متشوش غير مستو ومن النبات ما ورقه مستو متشابه ومنه ما له اغصان متساوية مثل النبات الذى له ثلاثة اغصان.
وهذه الاجزاء التى أذكرها هى <من> جملة النبات وهى نامية متزيدة ايضا، أعنى الاصل والقضبان وقوائم النبات واغصانه وهى تعدل اعضاء الحيوان التى تحوى سائر الاعضاء.
واصل النبات هو الذى يكون الغذاء بوساطته ولذلك سماه اليونانيون اصل النبات وسبب حياته لان الاصل هو المؤدى الى النبات سبب الحياة.
صفحة ١٥١
واما قضيب النبات فهو الذى ينبت من الارض مفردا وحده وهو شبيه بقائمة الشجر. واما الشعب فهى ما يتشعب من قائمة الشجر. واما الاغصان فهى التى تنبت من فوق الشعب.
وليست الاغصان بموجودة فى جميع النبات: ومن النبات ما له اغصان ليست بالدائمة أبدا بل انما تكون سنة بعد سنة. ومن النبات ما لا اغصان له ولا ورق مثل الكمأة والفطر. والاغصان انما تنبت فى الاشجار فقط.
* * * * * * * * والقشر والخشب ولب الشجر ينبت من الرطوبة.
ومن الناس من يسمى لب الشجر رحما ومنهم من يسميه معاء الشجر ومنهم من يسميه قلب الشجر.
والعقد والعروق واللحم فى جميع النبات من الاربعة الاسطقسات.
وقد توجد فى النبات اجزاء اخر تصلح للنتاج مثل الورق والزهر والقضبان الصغار التى <متعلق> فيها ورق <ب>النبات وكذلك الثمرة. 1.2.1 Θι 0با 87 ἔτι δὲ ἔλιξ βρύον ܬܘܒ ܕܝܢ ܡ{ والغصن والفقاح οἷς ὐπάρχει | النابت καὶ ἐπὶ πᾶσι σπέρμα | τὸ τοῦ καρποῦ | καρπὸς δʾ ἔστι τὸ {ܦܐܪܐ ܕܝܢ ܗ̇ܘ ܡܐ} <الثمر هو ما συγκείμενον σπέρμα ܕܡܪܟܒ ܡܢ ܙܪܥܐ متركب> من البزور μετὰ τοῦ περικαρπίου ܘܡܢ ܗ̇ܘ ܡܐ ܕ {ܚܒܫܐ وما حوله
صفحة ١٥٣
* ومن النبات ما يسمى شجرا ومنه ما هو بين الشجر والحشيش ويسمى ثامنو او حبوب ومنه ما يسمى حشيشا ومنه ما يسمى عشبا والنبات كله الا قليل منه داخل فى هذه الاسماء.
والشجر هو الذى له من اصله قائمة تتشعب منها اغصان كثيرة كالزيتون والتين. واما النبات الذى بين الشجر <والحشيش> الذى قلنا انه ثامنو او حبوب فهو ما كثرت اغصانه من اصله مثل النبات المعروف بفاليورس ومثل القصب والعوسج.
واما البقول فهى التى لها قوائم كثيرة من اصلها كثيرة الاغصان مثل السذاب والكرنب، واما العشب فهو الذى يحمل الورق من اصله وليس له قوائم. ومنه ما ينبت فى كل سنة ويجف مثل الحنطة والبقول. وانما جعلنا هذه الاشياء قياسات ومثالا ورسما.
ومن النبات ما يميل الى طرفين مثل البقلة المعروفة بالملوخية لانها عشب وبقل وكذلك السلق. ومنه ما ينبت فى اول مرة على شكل نبات الحبوب والثامنوا ثم يصير بعد ذلك شجرا مثل النبق والفنجنكشت والنبات المعروف بفاليورس والعليق.
وربما دخل الآس والتفاح والكمثرى والرمان فى مثل هذه الاشياء لان شعب هذه كلها من اصولها كثيرة جدا. ولذلك احتجنا الى ان نحدها لتصير لنا شبه المثال والقياس. وما ينبغى لنا ان نطلب فيها كلها استقصاء الحدود.
صفحة ١٥٥
والنبات كلها منه أهلى ومنه بستانى ومنه برى. وكذلك الحيوان ايضا. وأحسب ان كل نوع من النبات اذا لم يعن بفلاحته صار بريا.
ومن النبات ما يحمل الثمار ومنه ما لا يحمل ومنه ما يخرج الزهر ومنه ما لا يخرج ومنه ما له ورق ومنه ما ليس له ورق ومنه ما ينتثر ورقه ومنه ما لا ينتثر ورقه.
واختلاف النبات بعضه من بعض فى الكبر والصغر والحسن والسماجة وجودة الثمار ورداءتها كثير جدا. والاشجار البرية أكثر ثمارا من البستانية والبستانية أجود ثمارا من البرية.
ومن النبات ما يكون فى مكان جاف يابس ومنه ما ينبت فى البحار ومنه ما ينبت فى الانهار. ومنه ما ينبت فى البحر الأحمر يكون كبيرا وفى غيره يكون صغيرا. ومن النبات ما ينبت على شاطئ الماء ومنه ما ينبت فى الآجام.
واما النبات الذى يكون فى المواضع اليابسة فان منه ما ينبت فى الجبال ومنه ما ينبت فى البقاع. ومنه ما يعيش فى الصحراء أكثر من عيشه فى غيره. ومنه ما يعيش على التلول ومنه ما يعيش على البر والماء مثل الغرب والطرفاء واشباههما.
والنبات يتغير فى الاما كن تغيرا عظيما فلذلك احتجنا الى إحصاء اختلافه وتغيره.
والنبات لاحق بالارض غير مفارق لها ومن الاماكن كان أجود من مكان وتربة أجود من تربة وكذلك الثمار فانه فى مكان أجود منه فى آخر.
صفحة ١٥٧
ومن النبات ما ورقه أملس ومنه ما ورقه غليظ ومنه دقيق الورق ومنه مشطب الورق مثل ورق الكرم.
ومنه ما له قشر واحد مثل التين ومنه ما له قشور كثيرة كالصنوبر، ومن النبات ما هو بكليته قشور محض مثل البلا بس <والبصل>.
ومن النبات ما له عقد مثل القصب ومنه ما له شوك مثل العوسج، ومنه ما لا غصن له كالثيل ومنه ما اغصانه كثيرة مثل العليق ومنه ما فيه اختلاف كثير.
واما اختلا فه العظيم الذى منه ما يخرج فراخا ومنه ما لا يخرج فانما يكون ذلك من اختلاف الاصول.
ومن النبات ما له اصل واحد مثل العنصلان لأنه انما تنبت له شعبة واحدة ويغوص الى أسفل والى قعر كبير وكلما كبر وقرب من الشمس نما وازداد لأن الشمس هى المولدة للفراخ.
واما العصارات التى فى الثمار فمنها مشروبة خمرية مثل عصارة الكرم والتفاح والرمان والتوت والآس، ومنها عصارة دسمة كالزيتون والجوز والصنوبر، ومنها حلوة عسلية كالتمر والتين، ومنها حارة حريفة كالصعتر والخردل، ومنها عصارة مرة مثل عصارة الافسنتين والقنطوريون.
صفحة ١٥٩
والثمار ايضا منها ما هو مركب من لحم ونوى مثل الاجاص والقثاء <ومنها ما هو مركب من لحم فقط كالتفاح> ومنها ما هو مركب من رطوبة وحب كالرمان ومنها ما له قشر من خارج ولحم من داخل ومنها ما له لحم من خارج وحب من داخل ومنها ما يتولد فيه البزر من ساعته مع الغشاء المغشى عليه كالتمر واللوز ومنها ما لا يتولد فيه.
واما الماكول المأكول من الثمار وغير الماكول المأكول فانه بالعرض لان من الثمار ثمار ياكله بعض الناس ولا ياكله يأكله بعضهم، ومنه ما يا كله بعض الحيوان ولا يا كله بعض.
ومن الثمار ما هو فى قرن كالخرنوب ومنه ما فى شىئ شبيه بالغشاء والصفائق كالحنطة ومنه ما هو فى لحم كالتمر ومنه ما هو فى قشر كالبلوط والتفاح ومنه ما هو فى قشور كثيفة وفى صفائق ونوى كالجوز.
ومنه ما ينضج سريعا كالتوت ومنه ما يبطىء نضجه كثمر الجبال كلها او أكثرها ومن النبات ما يسرع فى اخرا ج الثمار والورق ومنه ما يبطىء فى ذلك. ومنه ما يتم ثماره ومنه ما لا يتم، ومنه ما يجف ثماره ومنه ما لا ينضج، ومنه ما يدرك الشتاء ثماره من غير ان ينضج.
واما لون الزهر والثمار فكثير مختلف الالوان، والنبات بكليته أخضر ومنه ما يميل الى السواد والى الحمرة والى البياض.
واما شكل الثمار فما كان منه أحرش فهو مختلف، وليس الثمار كلها ذا زوايا وليس كله على خط مستو.
صفحة ١٦١
ومن النبات ما له رائحة طيبة فى اصله ومنه ما له رائحة طيبة فى قشره ومنه ما له ذلك فى زهره ومنه فى خشبه ومنه ما <رائحة> طيبة فى اجزائه كلها مثل البلسان <الذى يكون فى الشأم بقرب بحر الزفت. والبير التى يسقى منها تسمى بير البلسم وماؤها عذب>.
وبعض النبات ينبت اذا غرس وبعضه اذا زرع ومنه ما ينبت من تلقاء نفسه، والنبات المغروس اما ان يقطع من اصله فيغرس واما من قائمته واما من اغصانه او قضبانه او بزره او كله او اذا دقت قطع صغار منه.
ومنه ما يغرس فى الارض ومنه ما يغرس فى الشجر مثل الشجر الذى يطاعم، وانما ينبغى ان يطاعم الشجر بما يشبهه ويشاكله لانه اذا فعل ذلك نما نموا حسنا، اعنى ان يطاعم التفاح مع <التفاح والكمثرى مع> الكمثرى والتين مع التين والكرم مع الكرم ةآما تةنما م ه ه ياأ تم تل4 ي>
وقد يطاعم الشجر مع الشجر المختلف الجنس كالفستق فى اللوز<والغار> فى الدلب والبطم بالزيتون والعليق فى اشجار كثيرة والشجر البرى مع البستانى <والبستانى مع البرى>.
والنبات كله لا يخرج بزرا شبيهه ببزره، لكن من النبات ما يخرج بزرا أجود من بزره، ومنه ما يخرج <بزرا أدون من بزره ومنه ما يخرج من> البزر الردىء شجرا جيدا كاللوز المر والرمان الحامض.
صفحة ١٦٣
ومنه ما اذا ضعف لم يخرج بزرا اصلا مثل الصنوبر والنخل، وليس ينبت من البزر الردئ نبات جيد بسهولة، ولا من البزر الجيد نبات ردىء. واما فى الحيوان فقد يتولد من الردىء جيد ومن الجيد ردىء.
والشجر الصلب القشر الذى لا يثمر إن شق انسان أصله وأدخل قيه فيه حجرا أثمر.
فاما النخل فاذا انتثر فى طلعه من طلع النخل الذكر مع دقيقه وعفره أنضج ثماره ومنع من الانتثار.
وانما يعرف الذكر من النخل بما يتقدم فيصير طلعه دقيقا ومن رائحته [ويكون طلعه ايضا دقيقا]. وربما هبت ريح شديدة فأدت من رائحة الذكر الى الانثى فينضج ثمارها، ولا ينتثر اذا جعل فيها من طلع الذكر.
واما بزر الاترج فان سحقه الانسان و شربه مع الخمر بعد شرب الادوية القتالة أنقذه من الموت، وذلك لانه يصل البطن و يخرج السم.
والتين الجبلى الممتد على الارض نافع للتين البستانى، والجلنار للزيتون اذا غرسا فى مكا ن واحد.
ومن النبات ما يتغير و يصير شيئا بدل شىء مثل الحور اذا شاخ <صار> حرنية، ويزعمون ان النمام ربما تغير وصار نعنعا، والباذروج اذا حصد وصير بقرب البحر الأحمر ربما صار شاهسفرم. واما الحنطة والكتان فيزعمون أنهما ربما تغير وصارا شيلما.
صفحة ١٦٥