398

فهذه اللام يجوز أن تأتي ان بعدها، وان يكتفي بها دون أن، وأن يؤتى بأن وحدها كقوله تعالى:

وأمرت أن أسلم

[غافر: 66] وتأويل من جعل يريد وأمرت لأسلم على تأويل المصدر بغير حرف سابك فيقدر إرادتي ليجعل وأمري لأسلم فيكون مبتدأ في التقدير والخبر في ليجعل وفي لأسلم تقديره إرادتي كائنة للجعل وأمري كائن للإسلام فهو تأويل متكلف.

[5.7-11]

{ واذكروا نعمة الله عليكم } الخطاب للمؤمنين والنعمة هنا الإسلام وما صاروا إليه من اجتماع الكلمة والعزة والميثاق هو ما أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة وبيعة الرضوان وكل مواطن، قاله ابن عباس. { يا أيهآ الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهدآء بالقسط } الآية، تقدم تفسير مثل الجملة الأولى في النساء إلا أن هناك بدىء بالقسط، وهنا آخر. وهذا من التوسع في الكلام والتفنن في الفصاحة ويلزم من كان قائما لله أن يكون شاهدا بالقسط ومن كان قائما بالقسط أن يكون قائما لله إلا أن التي في النساء جاءت في معرض الاعتراف على نفسه وعلى الوالدين والأقربين فبدأ فيها بالقسط الذي هو العدل والسؤال من غير محاباة نفس ولا والد ولا قرابة، وهنا جاءت في معرض ترك العداوات والاجن فبدىء فيها بالقيام لله إذ كان الأمر بالقيام لله أولا أردع للمؤمنين ثم أردف بالشهادة بالعدل فالتي في معرض المحبة والمحاباة بدىء فيها بما هو آكد وهو القسط والتي في معرض العداوة والشنآن بدىء فيها بالقيام لله فناسب كل معرض ما جيء به إليه وأيضا فتقدم هناك حديث النشور والإعراض. وقوله:

ولن تستطيعوا أن تعدلوا

[النساء: 129]، وقوله:

فلا جناح عليهمآ أن يصلحا

[النساء: 128]، فناسب ذكر تقدم القسط وهنا تأخر ذكر العداوة فناسب أن يجاورها ذكر القسط وتعدية يجر منكم بعلي هنا يدل على أن معناه يحملنكم لأن يكسبنكم لا يتعدى بعلي إلا أن ضمن معنى ما يتعدى بها وهو خلاف الأصل.

{ اعدلوا هو أقرب للتقوى } هو ضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله: { اعدلوا } ، كقولهم: من كذب كان شرا له ففي كان ضمير يفهم من قولهم كذب وكذلك هو أي العدل أقرب للتقوى نهاهم أولا أن تحملهم الضغائن على ترك العدل ثم أمرهم ثانيا به تأكيدا، ثم استأنف نذكر لهم وجه الأمر بالعدل وهو قوله: هو أقرب للتقوى أي أدخل في مناسبتها أو أقرب لكونه لطفا فيها وفي الآية تنبيه على مراعاة حق المؤمنين بالعدل إذا كان تعالى قد أمر بالعدل مع الكافرين.

صفحة غير معروفة