[القيامة: 16]. فقال أنبئوني أعقب العرض بهذا القول للملائكة ولما لم يتقدمهم تعليم لم يخبروا ولما تقدم. لآدم أخبر أظهارا لعنايته السابقة له منه تعالى وهم في عرضهم تدل على العقلاء أو يكون فيهم غير العقلاء فغلب العقلاء وقرىء فعرضها وفعرضهن والجيد أن يكون ضمير المسميات فتتفق القراءات وظاهر
{ على الملئكة } العموم وقيل: الملائكة الذين كانوا في الأرض مع إبليس بأسماء هؤلاء يدل على حضور أشخاص حالة العرض على الملائكة
و { أنبئوني } أمر تعجيز لا تكليف وقرىء أنبؤني بضم الباء بلا همز.
{ إن كنتم صدقين } أي مصيبين. عبر عن الاصابة بالصدق كما يعبر عن الخطأ بالكذب، ومتعلق الاصابة كونهم قالوا: أتجعل " الآية ". وفيها ظهور شفوق على من جعله خليفة فأراهم مما أودع في خليفته شيئا لم يودعه فيهم وهو العلم وجواب الشرط محذوف تقديره فأنبؤني دل عليه انبؤني وهذا مذهب جمهور البصريين ووهم المهدوي وتبعه ابن عطية فنسبا إلى المبرد أن جواب الشرط محذوف كما قلنا والنقل المحقق عن المبرد ان جواب الشرط في مثل هذا هو انبؤني السابق.
وكذلك وهم ابن عطية وغيره فزعما أن مذهب سيبويه جواز تقديم الجواب على الشرط وان قوله: انبؤني المتقدم هو، الجواب وعن القراء في نحو هؤلاء ان مما التقت فيه الهمزتان مكسورتين تحقيقهما وتليين الأولى وتحقيق الثانية وتحقيق الأولى وإبدال الثانية ياء وإسقاط الأولى وتحقيق الثانية وانتصب.
{ سبحنك } على معنى المصدر والعامل فيه واجب الحذف وكونه مبنيا ومنادى مضافا قولان مرغوب عنهما، والكاف في سبحانك مفعول أضيف إليه سبحانك أي تنزيهك وقيل فاعل أي تنزهت، وقدموا بين يدي الجواب تنزيه الله تعالى اعتذارا وأدبا منهم في الجواب وإشعارا بأن ما صدر منهم قبل يمحوه هذا التنزيه لله تعالى، ثم أجابوا بنفي العلم بلفظ لا والنكرة التي تستغرق كل فرد فرد من أنواع العلوم ثم استثنوا من ذلك مما علمهم هو تعالى وهذا غاية في ترك الدعوى والاستسلام التام للمعلم الأول الله تعالى وانظر إلى حسن هذا الجواب قدموا بين يديه تنزيه الله سبحانه وتعالى ثم اعترفوا بالجهل ثم نسبوا العلم لله تعالى واردفوا صفة العلم بصفة الحكمة إذ بان لهم وصف الحكمة في قوله:
{ إني جاعل في الأرض خليفة } وقدم وصف العلم لأن الذي ظهرت به المزية لآدم هو العلم ولأن الحكمة من آثار العلم.
{ قال يآءادم } ناداه باسمه العلم وكذا نادى أنبياءه يا نوح يا موسى يا داود ونادى محمدا صلى الله عليه وسلم يا أيها الرسول يا أيها النبي فانظر تفاوت ما بين النداءين، وحين خاطب الملائكة قال: أنبؤني، وقال: يا آدم أنبئهم، فجعل من اعترضوا به معلما لهم ومنبئهم بما تقاصرت عنه علومهم ليظهر بذلك شفوقه عليهم.
{ فلمآ أنبأهم بأسمآئهم } بين هذه الجملة والتي قبلها جملة محذوفة والتقدير فأنباهم وقرىء أنبئهم بالهمزة وضم الهاء وبالهمز وكسر الهاء. وأنبهم بإسقاط الهمزة.
وغيب السماوات والأرض هو ما تقاصرت عنه علوم الخلق والهمزة من " الم " للقرير.
صفحة غير معروفة