ربنا وابعث فيهم رسولا منهم
[البقرة: 129]. ولذلك قال عليه السلام: أنا دعوة أبي إبراهيم. وشرف العرب تم بظهوره عليه السلام وليس في العرب قبيلة إلا وله فيها نسب من جهة الأمهات الأنصاري بني تغلب. وقرىء شاذا لمن من الله بمن الجارة، ومن: مجرور بها بدل قد من. (قال) الزمخشري: وفيه وجهان أن يراد لمن من الله على المؤمنين منه أو بعثه إذ فيهم فحذف لقيام الدلالة أو يكون إذ في محل الرفع كإذا في قولك أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما بمعنى لمن من الله على المؤمنين وقت بعثه. " انتهى ". أما الوجه الأول فهو سائغ وقد حذف المبتدأ مع من في مواضع منها
وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به
[النساء: 159]
وما منآ إلا له مقام
[الصافات: 164]
ومنا دون ذلك
[الجن: 11] على قول. وأما الوجه الثاني فهو فاسد لأنه جعل إذ مبتدأة ولم يستعملها العرب متصرفة البتة إنما تكون ظرفا أو مضافا إليها اسم زمان ومفعوله ما ذكر على قول أما ان تستعمل مبتدأة فلم يثبت ذلك في لسان العرب ليس في كلامهم نحو: إذ قام زيد طويل، وأنت تريد وقت قيامه زيد طويل.
وقد قال أبو علي الفارسي: لم ترد إذ وإذا في كلام العرب إلا ظرفين ولا يكونان فاعلين ولا مفعولين مبتدأين. انتهى كلامه. وأما قوله: في محل الرفع كإذا فهذا التشبيه فاسد لأن المشبه مرفوع بالابتداء والمشبه به ليس مبتدأ إنما هو ظرف في موضع الخبر على زعم من يرى ذلك وليس في الحقيقة في موضع رفع بل هو في موضع نصب بالعامل المحذوف، وذاك العامل مرفوع. فإذا قال النحاة: هذا الظرف الواقع خبرا في محل الرفع، فيعنون أنه لما قام مقام المرفوع صار في محله وهو في التحقيق في موضع نصب كما ذكرنا. وأما قوله في قولك: أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما فهذا في غاية الفساد لأن هذا الظرف على مذهب من يجعله في موضع خبر المبتدأ الذي هو أخطب لا يجيز أن ينطق به إنما هو أمر تقديري. ونص أرباب هذا المذهب وهم القائلون بإعراب أخطب مبتدأ، ان هذه الحال سدت مسد الخبر وانه مما يجب حذف الخبر فيه لسد هذه الحال مسده وفي تقدير هذا الخبر أربعة مذاهب ذكرت في مبسوطات النحو. وقرىء من أنفسهم بفتح الفاء من النفاسة. وعن علي كرم الله وجهه عنه عليه السلام: انا أنفسكم نسبا وحسبا وصهرا ولا في آبائي مذ آدم إلى يوم ولدت سفاح كلها نكاح والحمد لله.
{ وإن كانوا من قبل } أي من قبل بعثه. { لفي ضلال } جعل الضلال ظرفا لهم وهم فيه لأن العرب لم يكونوا أهل كتاب إنما عباد أصنام مشركون، وتقدم الكلام على أن وهذه اللام في قوله:
صفحة غير معروفة