394

تفسير الموطأ للقنازعي

محقق

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

الناشر

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

قطر

تصانيف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وسلَّم تَسْلِيما
تَفْسِيرُ كِتَابِ المُدَبَّرِ (١)
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: لمَّا أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على انْتِقَالِ اسْمِ المُدَبَّرِ فَسَمُّوهُ مُدَبَّرًَا، وَجَبَ أَنْ يَنتقِلَ حُكْمُهُ في أَنْ لا يُبَاعَ في حَيَاةِ مُدَبِّرِه، فإن احْتَجَّ مُحتَجٌّ في أَنَّ المُدَبَّرَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ لِحَدِيثِ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ: "أَنَّ النبيَّ ﷺ باعَ مُدَبَّرًَا"، قِيلَ لِمَن احتَجَّ بِذَلِكَ في بَيع النبيِّ ﷺ: لَهُ دَلِيل على قَوْلنَا أَنَّهُ لَا يَبعهُ سَيِّدُهُ ولا يُحَوِّلُهُ عَنْ وَجْهِ التَّدبِيرِ، وذَلِكَ أَنَّ النبيَّ ﷺ إنَّمَا بَاعَهُ في دَيْنٍ كَانَ علىَ سَيّدِه الذي دَبَّرَهُ، فَلَمَّا بَطُلَ أَنْ يَلِي النبيُّ ﵇ بَيْعَهُ لِغَيْرِ مَعنَى، لَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ حُكْمُ النبي ﷺ، فَأَنْفَذَ مَا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ، واحتُمِلَ بَيْعُهُ إيَّاهُ لِدَيْنٍ بعدَ المَوْتِ، أَو لِدَيْنٍ قَبْلَ المَوْتِ كَانَ على المُدَبَّرِ الذي دَبَّرَهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِي عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَمْ يَكُنْ لِمُدَبَّرَ مَال غَيْرُه فَمَاتَ المُدَبَّرُ، فقالَ النبيُّ ﷺ: مَنْ يَشْتَرِي هذَا المُدَبَّرُ" (٢)، وقَن قَضَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ﵁ به. بطَالِ بَيع المُدَبَّرِ في مَلأِ خَيْرِ القُرُونِ، فَمَا أَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: مَعنَى قَوْلِ السَّيِّدِ: دَبَّزتُ عَبْدِي، أَيْ أَنْفَذْتُ عِتْقَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي بَعدَ مَوتي.

(١) المدبر: مأخوذ من الدبر، لأن السيد أعتقه بعد مماته، والممات دبر الحياة، وقيل: لأن السيد دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه، وأمر آخرته بإعتاقه، ينظر: عمدة القاري ١٢/ ٤٩
(٢) رواه البخاري (٢٠٣٤)، ومسلم (٩٩٧)، من حديث جابر.

1 / 407