تفسير الموطأ للقنازعي
محقق
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
الناشر
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
قطر
تصانيف
قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِه مُثْلَةً فَاحِشَةً قَاصِدًَا لِذَلِكَ، عُتِقَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ المُثْلَةُ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ إليها فَلَا يُعْتَقُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ وإنْ كَانتْ فَاحِشَة.
قالَ: ولَا يُعتَقُ عَلَيْهِ بِمُثْلَةٍ يَسِيرَةٍ وإنْ قَصَدَ إليها.
قالَ: ولا يَكُونُ الجَلْدُ مُثْلَةً، إلاَ أَنْ يُسْرِفَ في ذَلِكَ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: واخْتُلِفَ في السَّفِيهِ إذا مَثَّلَ بِعَبْدِه، فَقِيلَ: لا يُعتَقُ عَلَيْهِ، وقِيلَ: يُعتَقُ عَلَيْهِ، لأَئهُ حَذٌ لَزِمَهُ لا يُسْقِطْهُ عَنْهُ سَفَهُهُ.
* قَوْلُ النبيِّ ﷺ للأَمَةِ السَّوْدَاءِ التِّي شَاوَرَها سَيِّدُها في عِتْقِهَا، فقالَ لَهَا: "أَيْنَ اللهُ؟ فَقَالتْ: في السَّمَاءِ"، وذَكَرَ الحَدِيثَ إلى قَوْلهِ: "أَعتِقْها فإنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". قالَ أَبو المُطَرِّفِ: يحتَمِلُ هذَا الحَدِيثُ أَنْ يَكُونَ في أَوَّلِ الإسْلاَمِ، وذَلِكَ أَنَّ أبا عُبَيْد، ذَكَرَ في رِسَالةِ الإيمَانِ (١): أَن رَسُولَ اللهِ ﷺ أقَامَ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ يَدعُو إلى شَهادِةِ أنْ لا إله إلاَ اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَمَنْ أَجَابَهُ كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ، والزَّكَاةُ والصِّيَامُ والحجُ بالمَدِينَةِ، ثُمَّ وَصَفَ اللهُ ﵎ صِفَةَ المُؤْمِنِينَ في كِتَابهِ، فقالَ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: ١، ١٠]، فهذه صِفَاتُ المُؤْمِنِينَ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: فالإيمَانُ قَوْل باللِّسَانِ، وإخْلاَص بالقَلْبِ، وعَمَل بالجَوَارِحِ، وإصَابَةُ السُنَّةِ، وفِي هذا الحَدِيثِ بَيَان أَنَّ الله ﵎ في السَّمَاءِ، فَوْقَ عَرْشِهِ، وَهُو في كُلّ مَكَان بِعِلْمِهِ، قالَ اللهُ ﵎: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧]، إلى آخِرِ الآيةِ، يَعْنِي: يُحِيطَ بِهِم عِلْمًَا، ويَعلَمُ مَا يُسِرونَ ومَا يُعلِنُونَ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ وَاجِبَةٌ فأَعْتَقَ غَيْرَ مُسْلِمَة لَمْ تُجْزهِ، لأَنَّ
(١) رجعت إلى رسالة أبي عبيد في الإيمان المطبوعة بتحقيق الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين الألباني -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فلم أجد هذا النقل الذي ذكره المصنف.
1 / 401