349

تفسير الموطأ للقنازعي

محقق

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

الناشر

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

قطر

تصانيف

قالَ ابنُ القَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأتَهُ ثَلاَثًا في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.
قالَ غَيْرُهُ: وُيؤَدَّبُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، ويُلْزِمُهُ مَا طَلَّقَ بهِ.
* [أبو المُطَرِّفِ]: قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: (حَبْلُكِ على غَارِبِكِ) [٢٠٣٦]، يَعْنِي: [اذْهَبِي] (١) حَيْثُ شِئْتِ فَقَدْ سَرَّحْتُكِ، وغَارِبُ الجَمَلِ هُوَ مُقَدَّمُهُ، مَا بَيْنَ سَنَامَهِ إلى كَتِفِيهِ، فإذا رَمَى قَائِدُ الجَمَلِ خِطَامَهُ علَى غَارِبهِ فَقَدْ سَرَّحَهُ يَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ لامْرَأَتِهِ: (حَبْلُكِ على غَارِبِكِ)، فَقَدْ سَرَّحَهَا.
وكَانَ مَالِكٌ يَرَاهَا البَتَّةَ، ولا يَنْوِيهِ إلَّا في الشَّيءِ لَمْ يَدْخُلْ بِها، إنْ كَانَ أَرَادَ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَو أَكْثَرَ.
وكَانَ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ يَنْوِيهِ في ذَلِكَ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، ويَحْتَجُّ في ذَلِكَ بأَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قَالَ للرَّجُلِ: (مَا أَرَدْتَ بقَوْلِكَ: حَبْلُكِ علَى غَارِبِكِ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ الفِرَاقَ، فَقالَ لهُ عُمَرُ: هُوَ الذِي أَرَدْتَ).
فِيهِ مِنَ الفِقْهِ: الإشْخَاصُ في النَّوَازِلِ، لأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُوَافِيهِ بِمَكَّةَ.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ فِيمَا سُئِلَ عنهُ عُمَرُ ﵁ هَلْ كَانَ القَائِلُ لِذَلِكَ دَخَلَ أو لَمْ يَدْخُلْ، وإنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ القِصَّةَ كَيْفَ وَقَعَتْ، ولَا دَلِيلَ فِيهَا على نِيَّتِهِ.
وقالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ البَتَّةُ، وإنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَعَسَى أَنْ تَكُونَ طَلْقَةً وَاحِدَةً إذا ادَّعَاهَا، ويَحْلِفُ على ذَلِكَ، وَلَو ثَبَتَ عِنْدِي أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ ﵁ قالَ ذَلِكَ مَا خَالَفْتُهُ، ولَكِنَّهُ حَدِيثٌ جَاءَ هَكَذَا.
ورَوى ابنُ القَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ قَالَ لأَهْلِ زَوْجَتِهِ: شَأنُكُمْ بِها، أنَّها

(١) في الأصل: اذهب، وهو مخالف للسياق.

1 / 362