تفسير الموطأ للقنازعي
محقق
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
الناشر
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
قطر
تصانيف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صلَّى اللهُ على مُحّمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ وسلَّم تَسْلِيمًا
تَفْسِيرُ كِتَابِ النِّكَاحِ
* قَوْلُ النبيِّ ﷺ: "لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ على خِطْبَةِ أَخِيهِ" [١٩٠٩]، قالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ رُكُونِ المَرْأَةِ إلى الزَّوْجِ الذي خَطَبَها ورِضَاهَا بهِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَخِطَبَ المرأة على خِطْبَةِ هذا الخَاطِبَ، ولَمْ يَعْنِ بهذَا الحَدِيثِ مَنْ لمْ تَرْكَن المَرْأَةُ إليهِ ولَا رَضِيَتْ بهِ أَنْ يَخْطِبَ أَحَدٌ على خِطْبَتِهِ، وقَدْ خَطَبَ مُعَاوِيَة وأَبو جَهْمِ فَاطِمَةَ بنتَ قَيْسٍ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَأَتَتِ النبيَّ ﷺ فأَعْلَمَتْهُ بِخِطْبَتِهمِا جَمِيعًا إيَّاهَا في وَقْتٍ وَاحِدٍ، وشَاوَرَتْهُ في أَيِّهِما تتَزَّوج (١)، فلمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ الله ﷺ، وذَلِكَ أَنَّها لمْ تَكُنْ في وَقْتِ مَشُورَتها لَهُ قد رَكَنَتْ إلى وَاحِدٍ منهما، وهذَا الحَدِيثُ هُوَ مِثْلُ حَدِيثهِ الآخِرِ: "لَا يَسُومُ أَحَدُكُمْ على سَوْمِ أَخِيهِ" (٢)، إنَّما هذا أَيْضًا عندَ المُفَارَقَةِ والفَرَاغِ، لا في أَوَّلِ التَّسَاوُمِ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ بعدَ أَنْ قدْ كَانَتْ رَكَنَتْ إلى غَيْرِه ودَخَلَ بِها، فإنَّهُ يَتَحَلَّلُ الذي رَكَنَ إليه وُيعَرِّفُه بِمَا صَنَعَ، فَإِنْ حَلَّلَهُ وإلَّا فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ ﷿ مِنْ ذَلِكَ، ولَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا، وقَدْ أَثِمَ.
وقالَ ابنُ وَهْبٍ: فإنْ لمْ يَجْعَلْهُ الأَوَّلُ في حِل مِمَّا صَنَعَ، فَلْيُخَلِّ سَبيلَهَا ويُطَلِّقْهَا، فَإِنْ رَغِبَ فِيها الأَوَّلُ وتَزَوَّجَها فقدْ بَرِئَ هذا مِنَ الإثِمِ، وإنْ كَرِهَ
(١) حديث فاطمة بنت قيس هذا رواه مسلم (١٤٨٠).
(٢) رواه مسلم (١٤٠٨)، وابن ماجة (٢١٧٢)، من حديث أبي هريرة.
1 / 337