252

تفسير الموطأ للقنازعي

محقق

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

الناشر

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

قطر

تصانيف

قالَ عِيسَى: لا يَأْخُذُ المُصَدِّقُ ذَاتَ عَوَارٍ، ولا يَأْخُذُ تَيْسًَا إلَّا أَنْ يَرَى ذَلِكَ أَفْضَلَ للمَسَاكِينِ، والتَّيْسُ: هُوَ الذي يُتَّخَذُ للفَحْلَةِ، وَهُو دَاخِل في ذَاتِ العَوَرِ، لأَنَّ لَحْمَهُ ليسَ بِطَيِّبٍ، فإذا كَانَ أَخَذَ مَا فَضَلَ مِنْ جَذَعَةٍ أَخَذَهُ مِنْ رَبِّهِ. قالَ: ولَا يَنْبَغِي للمُصَدِّقِ إذا دَفَعَ إليه رَبُّ الغَنَمِ كَفَافًا مِنْ حَقِّه، إلَّا أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ ولَا يَتَعَسَّفُ. قالَ ابنُ نَافِعٍ: إذا كَانَتِ الغَنَمُ تُيُوسًَا كُلُّها لم يَأْخُذ المُصَدِّقُ مِنْها شَيْئًا وكَانَ على صَاحِبهَا أنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّنَّ الذي وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الجَذَعَةِ أَو الثَّنِيَّةِ. وقالَ عليُّ بنُ زِيَادٍ: إذا كَانَتِ الغَنَمُ كُلُّهَا جَرْبَاءَ أَو عِجَافًَا فإنَّ المُصَدِّقَ يَأْخُذُ مِنْهَا، ولَيْسَ على رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيهِ بِغَيْرِهَا. * [قالَ أَبو المُطَرفِ]: أَرْسَلَ مَالِكٌ في المُوطَّأ: "لا تَحِل الصَّدَقَةَ لِغَنِيٍّ" [٩١٩]، وأَسْنَدَهُ عبدُ الرَّزَاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عن النبيِّ ﷺ (١). قالَ عِيسَى: تَفْسِيرُ هذَا الحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ الغَازِي في غَزَاتِهِ لَيْسَ مَعَهُ مَالُهُ، فهذَا يَأْخُذُ مِنَ الزَّكَاةِ، ولا تَحِلُّ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ مَالُهُ مِنَ الغَزَاةِ. قالَ ابنُ أَبي زيدٍ: قالَ ابنُ القَاسِمِ: يُعْطَى مِنهَا الغَازِي وإنْ كَانَ مَعَهُ في غَزَاتِهِ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ غَنِيٌّ في بَلَدِه. قالَ عِيسَى: وأَمَّا الغَارِمُ المَذْكُورِ في هذَا الحَدِيثِ فَهُو الذي قد أَحْجَبَ الغُرْمُ بِمَالِهِ وأَفْقَرَهُ مِنْ دَيْنٍ اسْتَدَانَ بهِ في حَجٍّ أَو نِكَاح أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الصَّوَابِ، مَا لَمْ يَتَدَاينُ في فَسَادٍ، فإذَا فَعَلَ ذَلِكَ لمْ يُعْطَ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئًا. قالَ: وأَمَّا الغَارِمُ الوَفيُّ بِدَيْنهِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيها. قالَ عِيسى: ومَا أُعْطِيَ مِنْهَا المَسَاكِينُ فَمُبَاحٌ للأغْنِيَاءِ اشْتِرَاءهَا مِنْهُم إن لم

(١) رواه عبد الرزاق في المصنف ٤/ ١٠٩.

1 / 265