تفسير الموطأ للقنازعي
محقق
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
الناشر
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
قطر
تصانيف
شَيْئَأ مِنَ الدَّمِ، والرّيشُ هُوَ رِيشُ السَّهْمِ، وذَلِكَ لِشِدَّةِ الرَّمْيَةِ وقُوَّةِ خُرُوجِ السَّهْمِ مِنَ الرَمْيَةِ.
وقَولُهُ: (وَتَتَمَارَى في الفُوقِ) [٦٩٤]، والفُوقُ: هُوَ الجُزْءُ الذي في طَرَفِ السَّهْمِ الذي يَجْعَلُهُ الرَّامِي في وَتَرِ القَوْسِ حِينَ يَرْمِي بالسَّهْمِ، والتَّمَارِي هُوَ الشَّكُّ، ومَعْنَى هذا أَنَّ الرَّامِي يَنْظُرُ في فُوْقِ السَّهْمِ هَلْ تَعَلَّقَ بهِ شَيءٌ مِنْ دَمِ الرَّمْيَةِ أَمْ لا، فَخُيِّلَ إليه أَنَّ فيهِ دَمٌ، ثُمَ شَكَّ في ذَلِكَ هَلْ هُو دَمٌ أَم لا، فَكَذَلِكَ أَهْلُ البدَعِ خَرَجُوا مِنَ الإسْلاَمِ بِبدَعِهِم التّي أَحْدَثُوهَا في الإسْلاَمِ، فَلَمْ يَبْقَ فِيهم مِنَ الإسلَامِ إلَّا التَّمَارِي هَلْ هُوَ مِن أَهْلِه أَم لا؟.
وقَالَ ابنُ القَاسِمِ: وقَدْ يَكونُ في غَيْرِ أَهْلِ البَدَعِ مَنْ هُو أَشَرُّ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، لأَنَّ أَهْلَ البِدَعِ فَعَلُوا شَيْئًا بِتَأوِيلٍ تَأَوَلُوا أَنَّهُم على الحَقِّ، فَكَانَ حَالُهُم أَخَفَّ مِمَّن أتى الكَبَائِرَ مُجَاهَرَةً وَهُو عَالِمٌ أَنَّ اللهَ ﵎ قَدْ حَرَّمَهَا ونَهَى عَنْهَا.
وقالَ غَيْرُهُ: وذَلِكَ التَّمَارِي المَذْكُورِ في الحَدِيثِ هُو الذي أَبْقَى لأَهْلِ البِاَع نَصِيبًا مِنَ الإسْلاَمِ في مَوَارِيثِهِم للمُسْلِمينَ ومُوَارَثَةِ المُسْلِمِينَ لَهُم، ولَا خِلاَفَ في هذَا، ولَوُ كَانُوا كُفَّارًَا جُمْلَةً وَاحِدَةً مَا وَرَثُوا
مُسْلِمًا ولَا وَرَثَهُم مُسْلِم، غيرَ أَنَّ أَهْلَ البدَعِ قَوْمٌ مَذْمُومُونَ مَهْجُرُونَ، لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِم، ولا يُنْكَحُ إليهِم، ولَا يُعَادُ مَرْضاهُم، ولَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُم إلَّا أَنْ يَضِيُعوا فَيُدْفَنُوا (١).
[قالَ] (٢) سُحْنُونُ: أَدَبًا لَهُم، لِمُخَالَفَتِهِم ما عليهِ أَهْلُ السُّنَّةِ، ونَعُوذُ باللهِ مِنْ هَوَى مُضِلٍّ.
ورَوَى ابنُ بُكَيْر عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زيدِ بنِ أَسْلَمَ، أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارَ جَاءَ إلى عُمَرَ
(١) كذا قال النفزاوي في الفواكه الدواني ١/ ٢٩٠، ونص عبارته: (فإن خيف ضيعتهم غسلوا وكفنوا وصلى عليهم غير أهل الفضل).
(٢) ما بين المعقوفتين غير واضحة في الأصل، ووضعته مراعاة للسياق.
1 / 237