سنن سعيد بن منصور (1)
محقق
د سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
وإن كان لا يحتجّ به.
وتأثر الطالب بشيخه أمر لا يُنكر، حتى إنك لتجد بعضهم يقلِّد شيخه- ولو بغير قصد- في هيئته، ومشيته، وحركاته، وطريقته في الحديث، وبخاصة إذا اشتدّ إعجابه به، إما لعلمه، أو لصلاحه، أو ما إلى ذلك.
ومن أمثلة ذلك ما حكاه سعيد بن منصور- كما سبق- قال: (رأيت مالكًا يطوف وخلفه سفيان الثوري يتعلَّم منه كما يتعلم الصبي من معلِّمه، كلما فعل مالك شيئًا يفعله سفيان، يقتدي به).
هذا مع أن سفيان يعتبر من أقران مالك- رحمهما الله تعالى-.
وقد تتلمذ سعيد بن منصور على عدد من أئمة أهل السنة، كالإمام مالك، وابن المبارك، وابن عيينة، وغيرهم، ولذا أصبح هو من أئمة أهل السنة كما سيأتي في الكلام عن معتقده. وأما ما سوى ذلك، فلا يحضرني هنا أمر يمكن تعيينه مما يظهر أن سعيدًا تأثر فيه بأحد من شيوخه، سوى مسألتين: الأولى: مجاورته بمكة، والثانية: موقفه من أهل الرأي.
أما مجاورته بمكة فقد يكون تأثَّر بشيخه الفضيل بن عياض في ذلك، فكلاهما خراساني جاور بمكَّة حتى توفي بها، وكان سعيد معجبًا بصلاح شيخه الفضيل، فإنه إذا حدَّث عنه أحيانًا يقول: (الشيخ الصالح فضيل بن عياض) (^١).
وأما موقفه من أهل الرأي فقد يكون تأثر بشيخه عبد الله بن المبارك في ذلك.
ومن أمثلة ذلك: شدَّة عبد الله بن المبارك على القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، فإنه سأله رجل عن مسألة، فأفتاه فيها، فقال:
_________
(^١) تاريخ دمشق لابن عساكر (١٤/ ٢٦٠ / مخطوط الظاهرية).
المقدمة / 66