سنن سعيد بن منصور (1)
محقق
د سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
فجواب هارون الرشيد لذلك الزنديق الذي ادّعى أنه وضع ألف حديث يدلّ على أن علماء الحديث قد تصدّوا لنقد الأحاديث التي وضعها الزنادقة وغيرهم، وبيّنوا الزائف من غيره. وشبيه به ما ذكره عبدة بن سليمان قال: قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة، ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (^١).
وأما الكشف عن أحوال الرواة فَيَتَجَلَّى بالنظر إلى ذلك الكم الهائل المودع في كتب الرجال، من كلامهم في الرجال جرحًا وتعديلًا، وتمييز الثقات من الضعفاء والمجاهيل، ومن كان ثقة ثم عرض له عارض يوجب ضعفه كالاختلاط، ومن هو ثقة ولا تقبل روايته إلا بشروط كالمدلِّسين، والعناية بتواريخ مواليد الرواة ووفياتهم وبلدانهم …، إلى غير ذلك مما يتوصل من خلاله إلى نقد الأسانيد.
وكان الكشف عن أحوال الرواة موجودًا منذ عهد النَّبِيِّ ﷺ، لكن العلماء في هذا العصر تصدَّوا له بسبب ما تقدم ذكره من وجود الحاجة؛ للوقوف في وجه تلك التحديات المشار إليها.
يقول صالح جزرة: (أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم بعده أحمد بن حنبل ويحيى بن معين) (^٢).
قال ابن الصلاح تعليقًا على هذا الكلام: (قلت: وهؤلاء يعني أنه أول من تصدَّى لذلك وعُني به، وإلا فالكلام فيه جرحًا وتعديلًا متقدم ثابت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وجُوِّز ذلك صونًا للشريعة ونفيًا للخطأ والكذب عنها) (^٣).
_________
(^١) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢/ ١٨)، وفتح المغيث للسخاوي (١/ ٢٤١).
(¬٢، ٣) مقدمة ابن الصلاح (ص ٤٤٠).
المقدمة / 57