سنن سعيد بن منصور (1)
محقق
د سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
المتناقضة وغير المعقولة.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن هؤلاء الزنادقة كثيرًا ما نراهم يُقِرُّون بالوضع، بل إن غالبهم كان يُقِرُّ بأنه وضع أحاديث كثيرة تركها تجول بأيدي العامة من الناس.
فهذا عبد الكريم بن أبي العوجاء، لما أراد محمد بن سليمان بن علي ضرب عنقه قال: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرّم فيها الحلال، وأحل فيها الحرام، ولقد فطرّتكم في صومكم، وصوّمتكم في يوم فطركم.
وهذا المهدي يقول: أقرّ عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس.
ثم قال الدكتور عمر فلاتة: ويرى بعض الباحثين أن إقرار الزنادقة بوضع الحديث، وإصرارهم على ذلك، إنما هو من تحدِّيهم للمسلمين وإصرارهم على زندقتهم.
وقد بدا لي والله أعلم أن إقرار بعضهم، واعترافهم بالوضع في الحديث بصور هائلة، وأرقام خيالية، هو جزء من مخططهم الرهيب، فقد أبت زندقتهم إلا تنفير الناس من معتقداتهم، والطعن عليهم في دينهم، وقد بذلوا جهدهم في ذلك حال تمتعهم بحرياتهم، فلما أُخذوا وأيقنوا بالهلاك، عملوا على تنفيذ مخططاتهم، بالتشكيك فيما في أيدي الناس من الأحاديث والروايات، وليس معنى هذا أنهم لم يكذبوا مطلقًا، بل إنهم كذبوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بعض الأحاديث، وهم بذلك يُعَدُّون كذابين وضاعين، إلا أنه لا ينبغي أن يسلّم لهم وضع هذه الأعداد الهائلة، لا سيما وأن بعضهم حصرها في تحليل الحرام، أو تحريم الحلال. ولو تتبعنا الكتب التي عنيت بجمع الأحاديث الموضوعة، لم تبلغ هذا العدد، فضلًا عن أن تبلغ أحاديث الأحكام
المقدمة / 44