سنن سعيد بن منصور (1)
محقق
د سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
وكان إبراهيم بن ميمون الصائغ قائل هذه المقالة أحد ضحايا أبي مسلم، فإنه كان من أصحابه وجلسائه في زمن الدعوة لبني العباس، وكان أبو مسلم يَعِدُهُ إذا ظهر أن يقيم الحدود. فلما تمكّن أبو مسلم، ألَحَّ عليه إبراهيم بن ميمون في القيام بما وعده به حتى أَحْرَجَهُ، فأمر بضرب عنقه، وقال له: لم لا كنت تنكر على نصر بن سيّار وهو يعمل أواني الخمر من الذهب، فيبعثها إلى بني أميّة؟ فقال له: إن أولئك لم يقرِّبوني من أنفسهم، ويعدوني منها ما وعدتني أنت. وقد رأى بعضهم لإبراهيم بن ميمون هذا منازل عالية في الجنة؛ بصبره على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه كان آمرًا ناهيًا قائمًا في ذلك، فقتله أبو مسلم (^١).
ويقول أبو نعيم الأصبهاني: (قتله أبو مسلم مظلومًا شهيدًا سنة إحدى وثلاثين ومائة) (^٢).
فظهر مما تقدم أن الشعوبية أعلنت عداءها للعرب في العصر العباسي الأول، وبرز العنصر الفارسي مستغلًا نصرته لدولة العباسية، هذا مع أن الدعوة العباسية ظهرت وانتشرت في خراسان، وكانت خراسان مركزًا للديانات والعقائد الفارسية (^٣). والدولة العباسية، وإن كانت في أصلها دولة عربية، إلا أنها قامت على أكتاف قائد فارسي
_________
= والمظالم التي جعلته يتخوّف عليهم من أن لا تكون لله فيهم حاجة، ولم يتصور أن العرب مع ما فيهم هم خير من غيرهم في الجملة، فلما رأى ولاية أبي مسلم وما صنع بالعرب من الظلم استدرك، فرجى أن تكون لله فيهم حاجة، فإن الظالم يسلط عليه من هو أظلم منه، ولذلك يقول علي بن عَثَّام بعد ذكره لهذا القول: (ما انتقم الله من قوم «في الأصل: لقوم» إلا بشرٍّ منهم).
(^١) البداية والنهاية (١٠/ ٦٨).
(^٢) تهذيب الكمال (٢/ ٢٢٤).
(^٣) انظر كتاب: (الشعوبية وأثرها الاجتماعي …) (ص ٦٨ - ٧٠، ٨٠).
المقدمة / 41