سنن سعيد بن منصور (1)
محقق
د سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
اعتلاء بني العباس عرش الخلافة، وهذا الذي جعلهم في ذلك العصر أصحاب الحَظْوَةِ والنُّفوذ والبأس، فقرَّبهم الخلفاء إليهم، وولَّوْهُم أعلى المناصب في الدولة، وكان لأبي جعفر المنصور قَدَمُ السَّبْقِ في ذلك؛ فهو أول من استعمل مواليه على الأعمال، وقَدَّمهم على العرب، وكثُر ذلك بعده حتى زالت رئاسة العرب وقيادتها، بحيث أصبح العنصر الفارسي أكثر العناصر امتيازًا وتَفَوُّقًا. وفي هذا الجوّ المتسامح استطاع الأعاجم أن يجهروا بعدائهم للعرب، وأن يفخروا عليهم، ويُحَقِّروا من شأنهم (^١).
ولما ذكر الذهبي مصير الأمر إلى بني العباس قال: (فرحنا بمصير الأمر إليهم، ولكن- والله- ساءنا ما جرى- لَمَّا جرى- من سيول الدماء، والسبي والنهب، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء، ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم، وأنَّى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجميّة خراسانية جبّارة، ما أشبه الليلة بالبارحة!) (^٢).
وهذا ما دفع بعض المؤرخين للقول بأن دولة بني العباس دولة خراسانية شرقية (^٣)، وفي هذا يقول المقريزي: (إن بني العباس أخذوا الخلافة بالغَلَبَةِ بأيدي عجم أهل خراسان، ونالوها بالقوة، حتى أزال عجم خراسان دولة بني أمية …، بل استحالت الخلافة كسرويَّة
_________
(^١) مقتبس من كتاب (الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول) (ص ٧٧، ٨٥، ١٣١)، مع بعض التصرف والزيادة من تاريخ الخلفاء (ص ٤٣٠).
(^٢) سير أعلام النبلاء (٦/ ٥٨).
(^٣) الآثار الباقية للبيروني (٢١٣) نقلًا عن كتاب (الشعوبية وأثرها الاجتماعي …) ص ٧٩.
المقدمة / 39