التفسير المظهري
محقق
غلام نبي التونسي
الناشر
مكتبة الرشدية
رقم الإصدار
١٤١٢ هـ
مكان النشر
الباكستان
تصانيف
التفسير
امم اولى العزم من الرسل الى قبلة يستقبلها- ودفع حجج المخالفين- وقرن بكل علة معلولها كما يقرن المدلول بكل واحد من دلائله- وايضا القبلة لها شأن والنسخ من مظان الفتنة والشبهة فبالحرىّ ان يؤكد أمرها ويكرر ذكرها لِئَلَّا يَكُونَ علة لقوله فولوا لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ يعنى لليهود فانهم يعلمون من التورية ان الكعبة قبلة ابراهيم وان محمدا ﷺ سيحوّل إليها فلولا التحويل لاحتجوا بها- وللمشركين من اهل مكة فانهم ايضا كانوا يعلمون ان قبلة ابراهيم كانت الكعبة وكان النبي ﷺ يدّعى انه على ملة ابراهيم حنيفا فلولا التحويل لقالوا ان محمدا يدّعى ملة ابراهيم ويخالف قبلته إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ استثناء من الناس اى لئلا يكون لاحد من الناس حجة الا للمعاندين- فاما الظالمون من قريش فقالوا رجع محمد الى الكعبة لانه علم انا اهدى منه وسيرجع الى ديننا- واما الظالمون من اليهود فقالوا انه لم ينصرف عن بيت المقدس مع علمه بانه الحق الا حسدا وانه يعمل برأيه- وسمى هذه حجة كقوله تعالى حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ لانهم يسوقونهم مساقها- وقيل الحجة بمعنى الاحتجاج- وقيل الاستثناء للمبالغة في نفى الحجة رأسا للعلم بأن الظالم لا حجة له- والموصول على هذه التأويلات في موضع الجر بدلا من الناس- وقيل الاستثناء منقطع معناه ولكن الذين ظلموا يجادلونكم بالباطل فَلا تَخْشَوْهُمْ فانى وليّكم أظهركم عليهم بالحجة والنصرة ومطاعنهم لا يضركم وَاخْشَوْنِي فلا تخالفوا امرى وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) معطوف على لئلا اى فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ- لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ... وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ- ويحتمل ان يكون معطوفا على محذوف يعنى واخشوني لا حفظكم ولاتم نعمتى ولكى تهتدوا- عن معاذ قال قال رسول الله ﷺ تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار- رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وعن على رضى الله عنه تمام النعمة الموت على الإسلام-.
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ يا معشر قريش- خاطبهم والناس تبع لهم لقوله تعالى لابراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمامًا قالَ يعنى ابراهيم وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ولقوله ﷺ الناس تبع لقريش- متعلق بأتم يعنى لاتم نعمتى إتماما كما اتممتها بإرسال رسول منكم- قال محمد بن جرير دعا ابراهيم دعوتين أحدهما اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ والثانية ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ- فمعنى الاية أجيب دعوة ابراهيم فيكم بان أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وأتم
1 / 148