323

التفسير الكبير

تصانيف

والفرق بين الكسب والاكتساب: أن الكسب فعل الإنسان لنفسه ولغيره، والاكتساب ما يفعله لنفسه خاصة. وقيل: لا فرق بينهما في اللغة. فعلى القول الأول وصف المسيء بالاكتساب؛ لأن وزره لا يعدوه؛ ومعصيته لا تضر غيره، ووصف المحسن بالكسب؛ لأن غيره يشاركه في ثوابه بالهداية والشفاعة.

قوله تعالى: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا }؛ أي لا تعاقبنا إن نسينا طاعتك أو أخطأنا في أمرك. وقال الكلبي: (إن جهلنا أو تعمدنا)، فذهب إلى الخطأ الذي هو ضد الصواب لا ضد القصد. يقال: خطأ إذا تعمد؛ وأخطأ إذا سهى، وقد يقال: أخطأ إذا تعمد. وقيل: معنى الآية: إن تركنا أمرا أو اكتسبنا خطيئة.

والنسيان بمعنى الترك معروف في الكلام كما في قوله تعالى:

نسوا الله فنسيهم

[التوبة: 67] أي تركوا ذكر الله وأمره فتركهم في العذاب. والمراد بالمؤاخذة والنسيان سقوط الإثم في الآخرة. فأما في حكم الدنيا فلا يرتفع التكليف منه إذا ذكره بعد النسيان كما قال صلى الله عليه وسلم:

" من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها "

وكذلك الخطأ مرفوع الإثم في الآخرة وهو تأويل الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ورفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "

فأما في أحكام الدنيا فيتعلق به الحكم؛ لأن الله نص على لزوم قتل الخطأ في إيجاب الدية والكفارة.

قال الكلبي: (كانت بنو إسرائيل إذا نسوا شيئا مما أمروا به أو أخطأوا عجلت لهم العقوبة، فيحرم عليهم شيء من مطعم أو مشرب على حسب ذلك الدية، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم). وقال ابن زيد: (قوله تعالى: { إن نسينآ } شيئا مما افترضته علينا، { أو أخطأنا } شيئا مما حرمته علينا).

صفحة غير معروفة