288

التفسير الكبير

تصانيف

وقال المفسرون: أمر الله إبراهيم أن يذبح تلك الطيور وينتف ريشها ويقطعها ويفرق أجزاءها ويخلط ريشها ودماءها ولحومها بعضها ببعض، ففعل إبراهيم ذلك، ثم أمر أن يجعل أجزاءها على الجبال.

واختلفوا في عدد الأجزاء والجبال، فقال ابن عباس وقتادة والربيع: (أمر أن يجعل كل طائر أربعة أجزاء ثم يعمد إلى أربعة أجبل، فيجعل على كل جبل ربعا من كل طائر، ثم يدعوهن: تعالين بإذن الله). وهذا مثل ضربه الله لإبراهيم وأراه إياه، يقول: كما بعثت الطيور من هذه الجبال الأربعة يبعث الناس يوم القيامة من بقاع الأرض ونواحيها.

وقال ابن جريج والسدي: (جزأها سبعة أجزاء ووضعها على سبعة أجبال، وأمسك رؤوسهن عنده ثم دعاهن: تعالين بإذن الله، فجعل الريش كل ريشة تطير إلى الأخرى، وكل قطرة من الدم تطير إلى الأخرى، وكل عظم يطير إلى الآخر، وكل قطعة تطير إلى الأخرى، وإبراهيم ينظر حتى التقت كل جثة بعضها إلى بعض حتى سواهن الله تعالى. ثم جئن يسعين على أرجلهن بغير رؤوس، فعلق عليهن إبراهيم رؤوسهن).

واختلفوا في معنى السعي؛ قال بعضهم: هو الإسراع في المشي. وقال بعضهم: مشيا على أرجلهن. والحكمة في المشي دون الطيران كونه أبلغ في الحجة وأبعد من الشبهة؛ لأنها لو طارت لتوهم متوهم أنها غير تلك الطيور، أو أن أرجلها غير سليمة.

قال أبو الحسن الأقطع: (صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" لكل آية ظهر وبطن "

فظاهر هذه الآية ما ذكره المفسرون، وباطنها أن إبراهيم أمر بذبح أربعة أشياء في نفسه بسكين اليأس كما ذبح في الظاهر الأربعة الطيور بسكين الحديد، فالنسر مثل لطول العمر والأمل؛ والطاووس زينة الدنيا وبهجتها، والغراب الحرص؛ والديك الشهوة).

قوله تعالى: { واعلم أن الله عزيز حكيم }؛ أي غالب على كل شيء لا يمتنع عليه ما يريد؛ { حكيم } فيما يريد لا يفعل إلا ما فيه حكمة، قال بعضهم: كانت هذه القصة قبل أن يولد لإبراهيم ولد؛ وقبل أن تنزل عليه الصحف، وكان يومئذ ابن خمس وتسعين سنة.

[2.261]

قوله عز وجل: { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة }؛ وجه اتصال هذه الآية بما قبلها آية أخرى فيما تقدم ذكر النفقة في الجهاد بقوله تعالى:

صفحة غير معروفة