تفسير ابن كثير
محقق
سامي بن محمد السلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٠ هجري
تصانيف
التفسير
آمَنُوا بِالْغَيْبِ" (١) .
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣﴾
قَالَ ابن عباس: أَيْ: يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ بِفُرُوضِهَا.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِقَامَةُ (٢) الصَّلَاةِ إِتْمَامُ (٣) الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِقَامَةُ (٤) الصَّلَاةِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا وَوُضُوئِهَا، وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: إِقَامَتُهَا: الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، وَإِسْبَاغُ الطُّهُورِ فِيهَا (٥) وَتَمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا (٦) وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِيهَا، وَالتَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَهَذَا إِقَامَتُهَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ قَالَ: زَكَاةُ أَمْوَالِهِمْ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (٧) ﷺ ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ قَالَ: هِيَ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، وَهَذَا قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ الزَّكَاةُ.
وَقَالَ جُوَيْبر، عَنِ الضَّحَّاكِ: كَانَتِ النَّفَقَاتُ قُرُبَاتٍ (٨) يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَلَى قَدْرِ مَيْسَرَتِهِمْ وَجُهْدِهِمْ، حَتَّى نَزَلَتْ فَرَائِضُ الصَّدَقَاتِ: سبعُ آيَاتٍ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ، مِمَّا يُذْكَرُ فِيهِنَّ الصَّدَقَاتُ، هُنَّ النَّاسِخَاتُ المُثْبَتَات.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ فَأَنْفِقُوا مِمَّا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ، هَذِهِ الْأَمْوَالَ عَوَارِيٌّ وَوَدَائِعُ عِنْدَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، يُوشِكُ أَنْ تُفَارِقَهَا.
وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي الزَّكَاةِ وَالنَّفَقَاتِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ وَأَحَقُّهَا بِصِفَةِ الْقَوْمِ: أَنْ يَكُونُوا لِجَمِيعِ اللَّازِمِ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مُؤَدّين، زَكَاةً كَانَ ذَلِكَ أَوْ نَفَقَةَ مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ، مِنْ أَهْلٍ أَوْ عِيَالٍ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُ بِالْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَمَّ وَصَفَهُمْ وَمَدَحَهُمْ بِذَلِكَ، وَكُلٌّ مِنَ الْإِنْفَاقِ وَالزَّكَاةِ مَمْدُوحٌ بِهِ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: كَثِيرًا مَا يَقْرِنُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْإِنْفَاقِ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ حَقُّ اللَّهِ وَعِبَادَتُهُ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدِهِ وَالِابْتِهَالِ إِلَيْهِ، وَدُعَائِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ والإنفاق هو
(١) تفسير ابن أبي حاتم (١/٣٦) وفي إسناده إسحاق بن إدريس قال البخاري: "تركه الناس". وقال ابن معين: "يضع الحديث". ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٤/٢٠٧) من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن إبراهيم بن جعفر عن أبيه به نحوه.
(٢) في جـ، ط: "إقام".
(٣) في جـ، ط، ب: "تمام".
(٤) في طـ: "إقام".
(٥) في جـ: "لها".
(٦) في جـ: "وإتمام الركوع والسجود".
(٧) في جـ: "النبي".
(٨) في جـ، ط، ب: "قربانا".
1 / 168