249

تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة

محقق

جلال الأسيوطي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

٢٠٠٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

خيْرٌ (أفعلَ من) الجواز اشتراك المتباينات في وصف ما. فالخيرية في المشركة في الدنيا فقط أما بكثرة المال أو الجمال وميل النفس إليها.
وفي المؤمنة باعتبار الدنيا والأخرة واليهود والنصارى ليسوا من المشركين لقول الله ﷿: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناس عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ اليهود والذين أَشْرَكُواْ﴾ قال ابن عرفة: وأغرب ابن الخطيب: فقال: احتج من قال: بأنّهم مشركون بقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ وأجمعوا على أن اليهود والنّصارى لا يغفر لهم فهم مشركون (وإلاّ لزم) منه تطرق احتمال المغفرة لهم.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ...﴾.
من إثبات ما يتوهم نفيه، أو نفي ما يتوهم ثبوته مثل: ﴿وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ قلت: وتقدم لابن عرفة في الختمة الآخرى أن هذه الآية يرد بها على ابن بشير فإنه نقل في أول كتاب الجنائز عن ابن عبد الحكم: ان الصلاة على الجنائز فرض كفاية محتجا بقول / الله تعالى: ﴿وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ﴾
والنهي عن الصلاة على المنافقين للتحريم فضده وهو الأمر بالصلاة على المؤمنين للوجوب.
وتعقبه اللّخمى بأنّه لا يكون (هذا) للوجوب إلاّ إذا كان له (ضد) واحد، وهذا له (أضداد)، وهو إما وجوب الصلاة على المؤمنين أو كراهتها، أو إباحتها (أو استحبابها).
وأجاب ابن بشير: بأن النّهي إذا كان للتحريم فضده الأمر للوجوب بلا شدة، وإن كان للكراهة فضده الأمر للندب.
وقال ابن عرفة: وهذا باطل بالكتاب والسنة والنظر، أما الكتاب فقول الله تعالى: «وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات» فإنّ النهي عن نكاح المشركات للتحريم وضده وهو الأمر بنكاح المسلمات للنّدب على الجملة. (وإنما) يجب في بعض الأحيان على بعض الأشخاص، وأما السنة فخرج مسلم في كتاب الحج في رواية (قتادة) عن قزعة عن أبي سعيد الخدري ﵁ أن رسول الله ﷺ َ قال: «لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم».
فهذا نهي عن السفر مع غير ذي المحرم، وهو

1 / 267