رسل الله صلى الله عليها ، للأمم التي أرسلها الله إليها ، إذ شكوا في الله وتحيروا ، ولم يبصروا من الله ما بصروا : ( أفي الله شك فاطر السماوات والأرض ) [إبراهيم : 6]. فما دل الله جل ثناؤه على نفسه ، ولا دل عليه العارفون به ، بحلية ولا صورة ، ولا بهيئة منعوتة ولا مذكورة ، ولكن دل سبحانه على نفسه ودلت رسله عليه بخلقه وفطرته ، وبما يرى (1) في ذلك من أثر جلاله وكبريائه وقدرته.
فمن لم يكتف بذلك في المعرفة بالله فلا كفي ، ومن لم يشتف ببيان الله فيه فلا شفي ، ففيما بين الله من آياته في ذلك ما يقول سبحانه للمؤمنين والذين لا يعلمون ، إذ قالوا : ( لو لا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون (118)) [البقرة : 118]. فنسأل الله أن ينفعنا ببيانه ، وبما نزل من فرقانه.
ومن البيان في ذلك والنور ، قول داود عليه السلام في الزبور : (سبحان الله القدوس الأعلى ، ورتلوا أسماءه الحسنى العلى ، مصطفى إسرائيل الفعال لما يريد من الأشياء ، في البحار والأرض والسماء ، الذي أنشأ برحمته السحاب ، وجعل البرق والرياح الهواب ، وغرق فرعون وجنوده في البحر ، وأظهر ما أظهر من عجيب آياته بأرض مصر ، وقتل ملوك الجبابرة ملك الموراسر وملك نيسان ، وكل من كان من عتاة ملوك بني كنعان ، وأعطى إسرائيل أرضهم عطية ، وهبها لهم هبة هنية) (2).
صفحة ٦٦١