خلق الله زكي ولا رضي.
فمن ذلك وفيه ، ومن الدلائل عليه ، قول الله جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله ، : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) [الشورى : 11]. وقوله سبحانه : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (103)) [الأنعام : 103]. وقوله تعالى : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) [البقرة : 253]. فنفى سبحانه عن نفسه قليل النوم من السنة نفيه للكثير ، تبريا منه وتعاليا عن مشابهة الأشياء كلها في معنى من معانيها كبير أو صغير. والحي : فهو الذي لا يغيره أبد ولا دهر ، والقيوم : فهو الدائم الذي لا يلم به تبدل ولا تغير (1). وكذلك قال لرسوله ، (2) صلى الله عليه وعلى آله (3): ( قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2)) [الإخلاص : 1 2] (4). ثم قال في آخر السورة : ( ولم يكن له كفوا أحد (4)) [الإخلاص : 4]. والصمد فهو الذي ليس من ورائه مصمود ولا معمد ، (5) وليس بعده في جلال ولا كبرياء بعد. والأحد : فهو الواحد الذي ليس بشيئين اثنين ، جزءين كانا أو غير جزءين ، ولا يتوهم أبدا سبحانه بمعنيين متغايرين ، أحدهما في الجزئية غير الآخر ، فيوصفان بالتباين والتغاير.
فلا يخلو كل واحد من الجزءين من أن يكون قادرا على حاله ، (6) أو عاجزا عن مبلغ قوة الجزء الآخر في قدرته ومثاله ، فإن كان الجزء عاجزا لم يكن ربا ولا قويا ، وإن كان قادرا قدرته كان له في الربوبية مساويا ، فكانا جميعا ربين اثنين ، وإلهين متساويين ، وكان في ذلك الخروج من وصف الله بالوحدانية ، ومما وصف به نفسه جل
صفحة ٦٥٨