23

ولا يتوهم العض إلا لما كان فما.

وقالت الخنساء :

تعرقني الدهر نهشا وحزا

وأوجعني الدهر قرعا وغمزا (2)

ولم ترد خنساء أنه ينهش بفم ولا ناب ، ولا يتوهم ذلك أحد من الحمقاء فضلا عن ذوي الألباب ، ولا يتوهم الحز ولا الغمز بكف ذات أصابع ، ولا القرع بقرع من مقارع.

وقالت هند بنت عتبة (3) ترثي أباها :

وكان لنا جبلا راسيا

طويل المزاد كثير العشب (4)

وقال بعض الشعراء بعد الإسلام :

معن بن زائدة الذي زيدت به

شرفا على شرف بنو شيبان

وقد علم أنه ليس أحد من الرجال ، بجبل مما يعرف من الجبال ، ولما جعلوه جبلا وصفوه بما يمكن من صفة الجبل في العشب والمرعى ، وتمنع الأركان وصعوبة الذرى ، وجاز ذلك كله عندهم في المثل ، وكذلك فقد يمكن مثل ذلك في العرش وما ذكر من الحملة له والحمل.

وفي ضرب الأمثال ، وما يجوز منها في المقال ، ما يقول امرؤ القيس بن حجر :

أميمة إن الدهر في وثباته

أصاب جيادا نابه ومخالبه (6)

صفحة ٦٧٨