ومعنى قوله: {وكان عرشه على الماء}[هود: 7]، يريد أنه كان المحيط بالماء؛ من قبل خلقه للأرض والسماء، فذلك العرش المحيط بالماء لم يتغير عن حاله، ولم يزل هو المحيط بالماء، والمحيط من بعد الماء بالأرض والسماء، فذلك العرش إنما هو مقام الله، ولا يجوز لنا أن نقول: هو مجلس الله، ولكنا نقول: هو مقام الله، وليس كمقام الإنتصاب، إنما ذلك كمال الله بنفسه، فهو الجليل الكامل بنفسه العظيم، الجبار ذو الشرف والبهاء والسنآء العظيم.
فهذا معنى قول الله عز وجل: {وكان عرشه على الماء} يخبر(1) أنها لم تكن أرض ولا سماء سوى الماء.
ونحن نقول: إنه قد كان عرش الله ولا ماء، ونقول: إن عرش الله لم يزل، وإن أسماء الله لم تزل، وإن صفات الله كلها ومدائحه لم تزل؛ لأن الله يقول في كتابه: {الرحمن على العرش استوى}[طه: 5]، ولا يجوز لنا أن نقول: لم يكن مستويا على عرش ثم استوى؛ إذن لقلنا بخلاف قوله عز وجل. بل نقول: إن الله لم يزل ذا عرش عظيم، يريد بذلك العرش العظيم: الله العظيم.
وقلنا له: ليس ثم عرش لله عز وجل، وإنما ذكر العرش فعرفنا به الملك، ولم(2) يصفه بصفة معلومة معروفة. وأما قوله في يوم القيامة: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى}[النازعات: 40] فذلك(3) المقام هو ذلك العرش، وذلك العرش هو الله العلي، لا شيء استعلى، إنما هو العلي بنفسه. تم والحمد لله وحده وصلواته على رسوله سيدنا محمد النبي وعلى آله وسلم تسليما.
صفحة ٢٧٠