تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي
محقق
عبيد بن علي العبيد
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٢-السنة ٣٣
سنة النشر
١٤٢١هـ
تصانيف
تضعف إيمانه وتنقص إيقانه. كما أن من لطفه بالمؤمن القوي تهيئة أسباب الابتلاء والامتحان ويعينه عليها ويحملها عنه ويزداد بذلك إيمانه ويعظم أجره فسبحان اللطيف في ابتلائه وعافيته وعطائه ومنعه.
ومن لطف الله بعبده أن يسعى لكمال نفسه مع أقرب طريق يوصله إلى ذلك مع وجود غيرها من الطرق التي تبعد عليه فييسر عليه التعلم من كتاب أو معلم يكون حصول المقصود به أقرب وأسهل وكذلك ييسره لعبادة يفعلها بحالة اليسر والسهولة وعدم التعويق عن غيرها مما ينفعه فهذا من اللطف.
ومن لطف الله بعبده قدر الواردات الكثيرة والأشغال المتنوعة والتدبيرات والمتعلقات الداخلة والخارجة التي لو قسمت على أمة من الناس لعجزت قواهم عليها أن يمن عليه بخلق واسع وصدر متسع وقلب منشرح بحيث يعطي كل فرد من أفرادها نظرًا ثاقبًا وتدبيرًا تامًا وهو غير مكترث ولا منزعج لكثرتها وتفاوتها بل قد أعانه الله تعالى عليها ولطف به فيها ولطف له في تسهيل أسبابها وطرقها وإذا أردت أن تعرف هذا الأمر فانظر إلى حالة المصطفى ﷺ الذي بعثه الله بصلاح الدارين وحصول السعادتين وبعثه مكملًا لنفسه ومكملًا لأمة عظيمة هي خير الأمم ومع هذا مكنه الله ببعض عمره الشريف في نحو ثلث عمره أن يقوم بأمر الله كله على كثرته وتنوعه وأن يقيم لأمته جميع دينهم ويعلمهم جميع أصوله وفروعه ويخرج الله به أمة كبيرة من الظلمات إلى النور ويحصل به من المصالح والمنافع والخير والسعادة للخاص والعام مالا تقوم به أمة من الخلق.
ومن لطف الله تعالى بعبده أن يجعل ما يبتليه به من المعاصي سببًا لرحمته فيفتح له عند وقوع ذلك باب التوبة والتضرع والابتهال إلى ربه وازدراء نفسه واحتقارها وزوال العجب والكبر من قلبه ما هو خير له من كثير من الطاعات.
1 / 231