تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي

عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي ت. 1376 هجري
50

تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي

محقق

عبيد بن علي العبيد

الناشر

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

رقم الإصدار

العدد ١١٢-السنة ٣٣

سنة النشر

١٤٢١هـ

تصانيف

وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي، والسفلي، وما فيه من المخلوقات ذواتها، وأوصافها، وأفعالها، وجميع أمورها. فهو يعلم ما كان، وما يكون في المستقبلات التي لا نهاية لها، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم، وبعد ما يميتهم، وبعد ما يحييهم، قد أحاط علمه بأعمالهم كلها خيرها، وشرها، وجزاء تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار١. فينبغي للمؤمن الناصح لنفسه أن يبذل ما استطاع من مقدوره في معرفة أسماء الله، وصفاته، وتقديسه، ويجعل هذه المسألة أهم المسائل عنده، وأولاها بالإيثار، وأحقها بالتحقيق ليفوز من الخير بأوفر نصيب. فيتدبر مثلًا اسم العليم: فيعلم إن العلم كله بجميع وجوهه، واعتباراته لله تعالى فيعلم تعالى الأمور المتأخرة أزلًا وأبدًا ويعلم جليل الأمور، وحقيرها، وصغيرها، وكبيرها، ويعلم تعالى ظواهر الأشياء، وبواطنها غيبها، وشهادتها ما يعلم الخلق منها، وما لا يعلمون، ويعلم تعالى الواجبات أو المستحيلات، والجائزات، ويعلم تعالى ما تحت الأرض السفلى كما يعلم ما فوق السماوات العلى، ويعلم تعالى جزئيات الأمور وخبايا الصدور، وخفايا ما وقع، ويقع في أرجاء العالم، وأنحاء المملكة، فهو الذي أحاط علمه جميع الأشياء في كل الأوقات، ولا يعرض تعالى لعلمه خفاء، ولا نسيان، ويتلو على هذه الآيات المقررة له كقوله في غير موضع: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ٢ ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ

١ الحق الواضح المبين (ص٣٧، ٣٨). ٢ البقرة (٢٨٢).

1 / 196